كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)
"""""" صفحة رقم 20 """"""
ونقل بعض المؤرخين أن الأموال ضاقت في آخر أيامه حتى عجزوا في بعض الأيام عن إقامة وظيفة الفقاعي ، فدفعوا له بعض صناديق الخزانة فباعها وصرف ثمنها في حاجته . ولما توفى والد السلطان محمد خلف ثمانية آلاف ألف دينار ، سوى المصوغات والجواهر وأصناف الثياب وغير ذلك ، فآل الأمر في أيام محمود إلى هذه الغاية . قال : وطلب يوماً من سأبور الخادم الخازن غالية ، فشكا إليه الإقلال واستمهله . ثم أحضر إليه بعد مدة ثلاثين مثقالاً ، فقال له السلطان وكان خازن أبيه : كم كان في خزانة السلطان والدي من الغالية ؟ فقال : كان في قلعة أصفهان منها في أواني الذهب والفضة والبلور المحكم والصيني ما يقارب مائة وثمانين رطلاً ، ومعنا في خزانة الصحبة ما يقارب ثلاثين رطلاً فجعل يتعجب من ذلك ويقول لمن حضر : اعجبوا من التفاوت بين هذه الأيام وتلك . وكان له من الأولاد . محمد شاه ولي السلطنة ، وملكاه وليها أيضاً ، وجفري شاه ، وداود ووزراؤه ربيب الدولة أبو منصور وزير والده . ثم نظام الدين كمال الملك أبو طالب علي بن أحمد السميرمي ، صفى أمير المؤمنين إلى أن قتل كما ذكرناه . واستوزره بعده شمس الدين عثمان بن نظام الملك إلى أن قتله في سنة سبع عشرة وخمسمائة . واستوزر الوزير القوام أبا القاسم علي بن الناصر النساباذي ، وقبض عليه في شهر رجب سنة عشرين . واستوزر شرف الدين أنو شروان بن خالد ، ثم استعفى من الوزارة وأعيد الوزير أبو القاسم .
قال : ولما توفي السلطان محمود جلس ابنه داود في السلطنة باتفاق من الوزير أبي القاسم ، وأتابكه اقسنقر الأحمديلي ، وخطب له في جميع بلاد الجبل وأذربيجان . ولما اطمأن الناس وسكنوا سار الوزير بأمواله إلى الري ليأمن بها حيث هي للسلطان سنجر . وكان سبب خوفه أنه قبل وفاة السلطان محمود خاف من جماعة من الأمراء وأعيان الدولة منهم : عين الدولة أبو نصر أحمد بن حامد المستوفي ، والأمير أنوشتكين المعروف بشير كير . وولده عمر وهو أمير حاجب ، فقبض عليهم . فأما عين الدولة فإنه أرسله إلى مجاهد الدين بهروز فحبسه بتكريت ، ثم قتل بها ، وأما شيركير وولده فقتلهما في جمادى الآخرة .