كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 238 """"""
واقتتلوا . فكانت الهزيمة أولا على التتار ثم تراجعوا ، فهزموا صاحب الروم هزيمة عظيمة ، وقتلوا وأسروا خلقا كثيرا من المسلمين ، ونهبوا من الأموال ما لا يحصى كثرة . وهرب غياث الدين إلى بعض المعاقل ، وتحكمت التتار في البلاد ، ثم استولوا على بلاد خلاط وآمد ، ودخل غياث الدين بعد ذلك في طاعة التتار على مال يحمله إليهم . وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، قصد التتار بغداد ونهبوا ما مرو عليه في طريقهم ، ووصلوا إلى ظاهرها ، واستعدت عساكر الخليفة للقائهم . فلما جاء الليل أوقد التتار نارا عظيمة ورجعوا تحت الليل . ثم انقطعت أخبار التتار إلى أن جردهم منكوقان في سنة أربع وخمسين وستمائة على ما نذكره .
ذكر تجريد منكوقان العساكر إلى بلاد الروم وما استولوا عليه منها
وفي سنة أربع وخمسين وستمائة جرج منكوقان جرماغون وبيجو وجماعة من عساكره إلى بلاد الروم ؛ وهي يومئذ في يد السلطان غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ السلجقي . فساروا إليها ونزلوا على أرزن الروم ، وبها يومئذ سنان الدين ياقوت العلائي أحد مماليك السلطان علاء الدين كيقباذ . فحاصروها مدة شهرين ونصبوا عليها اثني عشر منجنيقا ، فهدموا أسوارها ، ودخلوها عنوة ، وأخذوا سنان الدين ياقوت ، وملكوا القلعة في اليوم الثاني ، وقتلوا الجند واستبقوا أرباب الصنائع وذوي المهن ، وقتلوا ياقوت ؛ وغنموا وسبوا ، وعادوا ، وما جرماغون ثم عاد بيجو إلى الروم مرة ثانية في هذه السنة ، فوصل إلى آقشهر زنجان ، ونزل بالصحراء التي هناك . فجمع غياث الدين كيخسروا عساكره وسار للقائهم ، فانهزم من غير لقاء ، كما ذكرناه في أخباره ، وغنم التتار خيامه وخزائنه وأثقاله إلا ما حمله مما خف منها . وفر غياث الدين إلى قونية وتوفى في هذه السنة .
وعاد بيجو ثم رجع إلى بلاد الروم في سنة خمس وخمسين وستمائة فدخلها وشن الغارات وسبى ، وكان المحرك لعوده أن بيجار الرومي حضر إلى باب السلطان

الصفحة 238