كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 239 """"""
غياث الدين ليحضر السماط ، ولم تكن له صورة بعسكر الروم ، فمنعه البرددارية وضربه بعضهم بعصاه على رأسه ، فسقط طرطوره إلى الأرض فشق ذلك عليه ، وقال : أنتم رميتم طرطوري في هذا الباب ، لا بد أن أرمي عوضه رؤوسا كثيرة . وخرج من فوره وتوجه إلى بيجو وحثه على قصد الروم ، فقصده وأغار وخرج بعد الإغارة .
ثم عاد إلى الروم في هذه السنة ، وقد استقل عز الدين كيكاوس ابن كيخسرو بالسلطنة . فلما بلغه عود التتار ، جهز جيشه وقدم عليهم أميرا من أكابر أمرائه اسمه أرسلان دغمش ، فتوجه بعساكر الروم وكان بيجو قد نزل بصحراء قونية . فلما كان بعد توجه أرسلان بأيام شرب كيكاوس مسكرا وتوجه إلى بيت أرسلان دغمش وهو على حالة من السكر ليهجم على حريمه ؛ فبلغه ذلك فغضب له وقال : أكون قد بذلت نفسي في دفع عدوه ويخلفني في حريمي بهذا . وأجمع على الخلاف ، وأرسل إلى بيجو ووعده أنه يتخاذل عند اللقاء وينحاز إليه .
فلما التقوا ، عمل أرسلان إلى سناجق صاحبه فكسرها وانهزم بالعسكر ثم توجه إلى بيجو فأكرمه وتلقاه وحضر معه إلى قونية . ولما اتصل خبر الكسرة بالسلطان عز الدين فر من قونية إلى العلايا وأغلق أهل قونية أبواب المدينة . فلما كان يوم الجمعة أخذ الخطيب ما يملكه من ماله وحلى نسائه وأحضره معه إلى الجامع ، ورقى المنبر وقال : يا معشر المسلمين ، إننا قد ابتلينا بهذا العدو وليس لنا من يعصمنا منه ، وقد بذلت مالي ، فابذلوا أموالكم واشتروا نفوسكم بنفائسكم ، واسمحوا بما عندكم لنجمع من بيننا ما نفدى به نفوسنا وحريمنا وأولادنا . ثم بكى وأبكى الناس وسمح كل أحد بما أمكنه . وجهز الخطيب المذكور الإقامات وخرج إلى مخيم بيجو فلم يصادفه ، لأنه كان قد توجه إلى الصيد ، فقدم ما كان معه إلى الخاتون زوجه بيجو ، فقبلته منه وأقبلت عليه وأكل من المأكول فأكلت وقدم المشروب فأخذ منه شيئا على سبيل الشاشني ،

الصفحة 239