كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 240 """"""
وناوله لصغير . فقال له : لم لا تشرب أنت منه ؟ فقال : هذا محرم علينا . قالت : من حرمه ؟ قال : الله حرمه في كتابه . قالت : فكيف لم يحرمه علينا ؟ فقال : أنتم كفار ونحن مسلمون فقالت له : أنتم خير عند الله أم نحن ؟ قال : بل نحن . قالت : فإذا كنتم خيرا منا عنده ، فكيف نصرنا عليكم ؟ فقال : هذا الثوب الذي عليك - وكان ثوبا نفيسا يمنيا مرصعا بالدراتب - تعطيه لمن يكون خاصا بك أو بعيدا عنك ؟ قالت : بل أخص به من يختص بي . قال : فإذا أضاعه وفرط فيه ودنسه ، ما كنت تصنعين به ؟ قالت : كنت أنكل به وأقتله . فقال لها : دين الإسلام بمثابة هذا الجوهر ، والله أكرمنا به فما رعيناه حق رعايته ، فغضب علينا وضربنا بسيوفكم واقتص منا بأيديكم . فبكت زوجة بيجو وقالت للخطيب : من الآن تكون أبي وأكون ابنك . فقال : ما يمكن حتى تسلمي . فأسلمت على يديه ، وأجلسته إلى جانبها على السرير ، فحضر بيجو من الصيد ، فهم الخطيب أن يقوم له ، فمنعته وقالت : أنت قد صرت حماه وهو يريد يجئ إليك ويخدمك . فلما دخل بيجو إلى الخيمة قالت له : هذا قد صار أبي . فجلس بيجو دونه وأكرمه وقال لزوجته : أنا عاهدت الله أنني إذا فتحت قونية وهبتها لك . فقالت : وأنا وهبتها لأبي . ثم أمر بفتح قونية ، وأمن أهلها ورتب على كل باب شحنة من التتار ورسم أن لا يدخلها من التتار إلا من له حاجة ، وأن يكونوا خمسين خمسين ، لا يزيدون على ذلك . فلم يتعرضوا لأهلها بسوء . ثم اتفق بعد هذه الواقعة توجه رسل صاحب الروم إلى منكوقان ، ومصالحتهم وبذلهم ما بذلوه وقسمه البلاد بين ولدي كيخسرو على ما قدمناه في أخبارهم .
ذكر مهلك منكوقان وما حصل بين اخوته من التنازع في القانية
كانت وفاة منكوقان بمقام نهر ألطاي من بلاد أيغور ، سنة ثمان وخمسين وستمائة . وكان قد قصد غزو الخطا . وكان منكوقان يدين بدين النصرانية ، وكان

الصفحة 240