كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 244 """"""
هذا ما انتهى علمه إلينا من أخبار هؤلاء الملوك الثلاثة ، ولم نطلع على ما كان لكل منهم من الأخبار والحروب والوقائع والفتوحات فنذكره ، وإنما أوردنا ما أوردناه وما نورده مما تلقفناه من أفواه الرجال .
ذكر ملك بركة بن باطوخان بن دوشي خان ابن جنكزخان وهو الرابع من من ملوك هذه المملكة الشمالية
كان جلوسه على تخت المملكة الشمالية في سنة اثنتين وخمسين وستمائة بعد وفاة عمه صرتق ، وأسلم بركة هذا وحسن إسلامه ، وأقام منار الدين ، وأشهر شعائر الإسلام وأكرم الفقهاء وأدناهم منه ، وقربهم لديه ووصلهم ، وابتنى المساجد والمدارس بنواحي مملكته ، وهو أول من دخل في دين الإسلام من عقب جنكزخان . لم ينقل إلينا أن أحدا منهم أسلم قبله . ولما أسلم أسلم أكثر قومه وأسلمت زوجته ججك خاتون ، واتخذت لها مسجدا من الخيام تسافر به .
وفي سنة ثلاث وخمسين وستمائة كانت الحرب بين بركة وهولاكو ملك خراسان والعراقين وما مع ذلك . وذلك أن هولاكو لما انتهت إليه رسالة براق شين زوجة طغان كما ذكرناه ، أطمعه ذلك في ملك هذه المملكة ليضمها إلى ما بيده من الممالك . فتجهز وسار بجيوشه إليها ، فكان وصوله بعد قتل براق شين وجلوس بركة على سرير الملك وانتظام الأمر له .
ولما اتصل ببركة خبر هولاكو وقربه من البلاد سار بجيوشه للقائه وكان بينهما نهر يسمى نهر ترك وقد جمد ماؤه لشدة البرد ، فعبر عليه هولاكو بعساكره إلى بلاد بركة . فلما التقوا واقتتلوا كانت الهزيمة على هولاكو . فلما وصل إلى ذلك النهر تكردس أصحابه عليه ، فانخسف بهم ، ففرق منهم خلق كثير ، ورجع هولاكو بمن بقي معه من أصحابه إلى بلاده . ونشأت الحرب بينهم من هذه السنة ، وكان فيمن شهد هذه الوقعة مع بركة ابن عمه نوغيه ابن ططر بن مغل بن جنكزخان فأصابته طعنة رمح في عينه فغارت ولنوغيه هذا أخبار نذكرها بعد إن شاء الله تعالى .

الصفحة 244