كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 245 """"""
وراسل بركة هذا السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي ملك الديار المصرية والممالك الشامية في سنة إحدى وستين وستمائة يخبره بما من الله تعالى به عليه من الإسلام فأجابه السلطان يهنيه بهذه النعمة ، وجهز له هدايا جليلة ، من جملتها ختمة شريفة ذكر أنها من المصاحف العثمانية ، وسجادات للصلاة وأكسية لواتية ، وعدة من النطوع المصرطقة والأديم وسيوف قلاجورية مسقطة ، ودبابيس مذهبة ، وخوذ وطوارق ، وفوانيس وشمعدانات ، ومشاعل جفناوات وقواعد برسمها مكفتة ، وسروج خوارزمية ؛ ولجم ؛ كل ذلك بسقط الذهب والفضة ، وقسي حلق وقسي بنيدق وحروج وأسنة ونشاب بصناديقه وقدور برام ، وقناديل مذهبة ، وخدام سود ، وجواري طباخات ، وخيول عربية سبق ، وهجن نوبية ، وحمير فرة ، ونسانيس وبغانغ وغير ذلك . وأعاد السلطان الملك الظاهر رسله في شهر رمضان من السنة المذكورة ، وكتب إليه يغريه بهولاكو ويحضه على حربه .
وفي سنة ثلاث وستين وستمائة كانت الحرب بين عساكر بركة وعساكر أبغا بن هولاكو ، وذلك أن هولاكو لما توفي في هذه السنة وجلس ابنه أبغا بعده ، جهز جيشا لقتال بركة ، فلما بلغه الخبر جهز جيشا وقدم عليه ييسوا نوغا بن ططر بن مغل ، فصار في المقدمة ثم أردفه بمقدم آخر اسمه بستاي في خمسين ألف فارس ، فسبق نوغا بمن معه وتقدم إلى عسكر أبغا وبستاي على إثره . فلما أشرفت عساكر أبغا على بستاي وهو مقبل في سواده العظيم تكردسوا وتجمعوا للهزيمة ، فظن بستاي أنهم أحاطوا بنوغا ومن معه فانهزم راجعا من غير لقاء . وأما نوغا فإنه تبع عساكر أبغا وواقعهم وهزمهم ، وقتل منهم جماعة وعاد إلى بركة ؛ فعظم قدره عنده وارتفع محله ، وقدمه على عدة تمانات . وعظم ذنب بستاي عند بركة .
ودامت أيام بركة هذا بهذه المملكة إلى أن توفي في سنة خمس وستين وستمائة وهو على دين الإسلام ، رحمه الله تعالى . ولم يكن لبركة ولد يرث الملك من بعده فاستقر الملك من بعده لابن أخيه منكوتمر .

الصفحة 245