كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 246 """"""
ذكر ملك منكوتمر بن طوغان بن باطوخان ابن دوشي خان بن جنكزخان وهو الخامس من ملوكهم بهذه المملكة
ملك هذه المملكة وجلس على كرسي الملك بصراي ، وصار إليه ملك بلاد الشام والترك والقفجاق وباب الحديد وما يليه ؛ وذلك في سنة خمس وستين وستمائة . ولما ملك كاتبه السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي من الديار المصرية بالتهنئة والتعزية بعمه ، وأغراه بأبغا بن هولاكو وحرضه عليه كما كان قد فعل لما كاتب بركة ، وذلك في سنة ست وستين وستمائة .
ذكر مسير عساكر منكوتمر إلى بلاد القسطنطينية
وفي سنة ثمان وستين وستمائة جهز منكوتمر جيشا إلى اصطنبول . وكان رسول السلطان الملك الظاهر ركن الدين يومذاك عند الأشكري ، وهو فارس الدين المسعودي . فخرج المذكور إلى عسكر منكوتمر وقال : أنتم تعلمون أن صاحب اصطنبول صلح مع صاحب مصر وأنا رسول الملك الظاهر ، وبين أستاذي وبين الملك منكوتمر مراسلة ومصالحة واتفاق . واصطنبول مصر ومصر اصطنبول . فرجعوا عنها ونهبوا بلادها وشعثوا . فلما وصل الفارس المسعودي في الرسلية إلى الملك منكوتمر من جهة السلطان ، أنكر عليه كونه صد جيوشه عن أخذ اصطنبول . وكان المسعودي قد فعل ذلك من قبل نفسه وبرأيه ، لا برأي السلطان الملك الظاهر وأمره . فلما عاد المسعودي إلى السلطان الملك الظاهر نقم عليه وضربه واعتقله .
ولما كان جيش منكوتمر باصطنبول ورجعوا ، مروا بالقلعة التي فيها عز الدين كيكاوس صاحب الروم معتقلا فأخذوه منها ، وأحضروه إلى الملك منكوتمر ، فأكرمه وأحسن إليه وأقام عنده إلى أن مات .
ودامت أيام منكوتمر إلى سنة تسع وسبعين وستمائة وتوفي ، ووردت الأخبار بوفاته إلى الديار المصرية في سنة إحدى وثمانين وستمائة . وكان سبب وفاته أنه طلع له دمل في حلقه فبظه فمات منه في شهر ربيع الأول من السنة . فكانت مدة ملكه نحو أربع عشرة سنة .

الصفحة 246