كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 258 """"""
عن شيخ كبير ولا طفل صغير . وجيئ بالخليفة إلى هولاكو فأمر أن يجعل في جولق ويداس بأرجل الخيل ، ففعل به ذلك حتى مات ، كما ذكرناه في أخبار الدولة العباسية . ومن عادة التتار أنهم لا يسفكون دماء الملوك والأكابر غالبا .
وسبى التتار من بالقصر ، وأخذوا ذخائر الخلافة ، واستدعى هولاكو الوزير ابن العلقمي ، وكان قد كاتبه وحثه على قصد بغداد وأضعف جيوش الإسلام . فلما مثل بين يدي هولاكو سبه ووبخه على عدم موافاته لمن هو غذى نعمته ، وأمر بقتله فقتل . وقيل لم يقتله بل استبقاه . ثم عزم هولاكو على إحراق مدينة بغداد ، فمنعه كتبغا نوين ، وقال هذه أم الأقاليم ويتحصل منها الأموال العظيمة ، والمصلحة إبقاؤها ، فأبقاها ورتب فيها شحنة ، ثم سار عنها بعد انقضاء الشتاء إلى الشام ، وجرد إلى ميافارقين ، والله أعلم .
ذكر استيلاء التتار على ميافارقين
وفي سنة ست وخمسين أيضا أرسل هولاكو طائفة من عساكره إلى ميافارقين صحبة صرطق نوين وقطغان نوين . وكان بها الملك الكامل ناصر الدين محمد بن المظفر غازي بن العادل أبي بكر ابن أيوب ، فحاصروها ونصبوا عليها المجانيق من كل ناحية ، فقاتله أهلها ، وامتنعوا وصبروا على شدة الحصار ، وقلت الأقوات عندهم حتى أكلوا الكلاب والسنانير والميتة . ففتحها التتار بعد سنتين ، بعد أن فنى الجند من كثرة

الصفحة 258