كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 260 """"""
فيهما درتان كبيرتان ، فأعجباه فقال : أشتهي القان يشرفني بأن أجعلهما بيدي في أذنيه ليعظم قدري بذلك عند الملوك وأهل بلادي وأعلم رضاه عني فأصغى إليه بأذنيه فمسكها ووضع الحلقتين فيهما ، ونظر إلى من معه من أهل الموصل يعني : أنني قد قلت قولا وقد حققته .
وأرسل إليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز صاحب الشام ولده العزيز بهدايا وتحف اقتداء بصاحب الموصل ، فقبل تقدمته وسأله عن تأخير أبيه ، فاعتذر بأنه لا يمكنه مفارقة البلاد خوفاً عليها من عدو الإسلام الفرنج ، فقبل عذره وأعاده إلى أبيه . وجاءه عز الدين كيكاوس ، وركن الدين قلج أرسلان ملك الروم فقسم البلاد بينهما على ما قرره منكوقان .
وفي سنة سبع وخمسين وستماية وجه هولاكوا أرغون - وهو من أكابر المقدمين - في جيش إلى كرجستان ، فغزا تفليس وأعمالها ، فأغار ونهب وعاد إليه وهو بالعراق .
وفيها أيضا قدم هولاكو إلى شرقي الفرات ونازل حران وملكها ، واستولى على البلاد الجزيرية ، وذلك بعد وفاة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل .
وأرسل هولاكو أحد أولاده إلى حلب فوصل إليها في العشر الآخر من ذي الحجة من السنة . وكان الملك المعظم تورانشاه ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بحلب ينوب عن ابن أخيه الملك الناصر ، فخرج بالعسكر الحلبي لقتال التتار ، فأكمن التتار كمينا عند الباب المعروف بباب الله قريب من مدينة حلب من شمائلها ، والتقوا واقتتلوا عند بانقوسا ، فاندفع التتار بين يدي العسكر الحلبي وتبعهم العسكر حتى خرجوا عن البلد ، ثم عطفوا عليهم ، فطلب المسلمون المدينة والتتار يقتلون فيهم . وهلك في الأبواب جماعة من المنهزمين .
ثم رحل التتار إلى اعزاز وتسلموها بالأمان ، ثم تقدم هولاكو بجيوشه فبدأ بالبيرة فملكها ، ووجد بها الملك السعيد ابن الملك العزيز أخا الملك الناصر معتقلا فأطلقه ، وسأله عما كان بيده فقال : الصبيبة وبانياس ، فكتب له بذلك فمانا ، ثم تقدم هولاكو إلى حلب .

الصفحة 260