كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 261 """"""
ذكر منازلة هولاكو مدينة حلب واستيلائه عليها وعلى بلاد الشام
وفي سنة ثمان وخمسين وستماية عبر هولاكو الفرات بجموعه ، ونازل حلب ، وأرسل إلى الملك المعظم توران شاه ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف يقول : إنكم تضعفون عن لقاء المغل ، ونحن قصدنا الملك الناصر ، فاجعلوا عندكم شحنة وبالقلعة شحنة ونتوجه نحن إلى العسكر فإن كانت الكسرة عليهم كانت البلاد لنا وتكونون قد حقنتم دماء المسلمين . وان كانت الكسرة علينا كنتم مخيرين في الشحنتين إن شئتم القتل أو الإطلاق فقال له الملك المعظم : ليس له عندي إلا السيف . وكان الرسول إليه من جهة هولاكو صاحب أرذن الروم ، فعجب من جوابه ، وتألم لما علم من ضعف المسلمين عن ملاقاة التتار .
وأحاط التتار بحلب في ثاني صفر وهجموا على البواشير في الثالث من الشهر ؛ فقتل من المسلمين جماعة ، منهم أسد الدين ابن الملك الزاهر صلاح الدين . واشتدت مضايقة التتار لحلب ، وهجموه من عند حمام حمدان وذلك في يوم الأحد تاسع صفر ، وصعد إلى القلعة خلق كثير . وبذل التتار السيف والنهب في أهل حلب إلى يوم الجمعة رابع عشر الشهر ، فأمر هولاكو برفع السيف ، ونودي بالأمان ، فقتل منها في هذه المدة ما لا يحصى كثرة ، وكان قد تجمع بها من أهل القرى خلق كثير . وسبي من النساء والذراري زهاء مائة ألف ، بيعوا في جزائر الفرنج وبلاد الأرمن ، ولم يسلم ممن كان بحلب إلا من التجأ إلى أماكن كان مع أهلها فرمانات من هولاكو

الصفحة 261