كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 263 """"""
هولاكو عليه الآن . ووصل إليه أيضا من دمشق القاضي محيي الدين بن الزكي فأقبل عليه هولاكو وخلع عليه وولاه قضاء الشام . ولما عاد ابن الزكي إلى دمشق لبس خلعة هولاكو ، فكانت مذهبة ، وجمع الفقهاء وغيرهم من أكابر دمشق وقرأ عليهم تقليد هولاكو .
ثم رحل هولاكو إلى حارم بعد أن ولي على حلب عماد الدين القزويني . فلما وصل إليها طلب تسليمها ، فامتنع من بها أن يسلموها إلا إلى فخر الدين متولي قلعة حلب . فأحضره هولاكو فتسلمها ، فغضب هولاكو وأمر بقتل من بها فقتلوا عن آخرهم وسبي النساء .
ذكر استيلاء التتار على دمشق
قال : وجرد هولاكو إلى دمشق مقدما يسمى السبان وصحبته علاء الدين الكازي وزين الدين الحافظي وزير الملك الناصر بحلب ؛ وكان قد خدم هولاكو . وكان الملك الناصر قد فارق دمشق في منتصف صفر فوصل التتار إلى دمشق ، وملكوا المدينة بالأمان ، ولم يتعرضوا إلى قتل ولا إلى نهب . وعصيت القلعة عليهم فحاصرها التتار ، وجرى على أهل دمشق بسبب عصيان القلعة شدة عظيمة ، وضايقوا القلعة ونصبوا عليها المجانيق ثم تسلموها بالأمان في منتصف جمادى الأولى من السنة . ثم توجهوا إلى بعلبك ونازلوا قلعتها فتسلموها وخربوا قلعتها .
وجرد هولاكو إلى الشام كتبغا نوين في اثني عشر ألف فارس وأمره أن يقيم بالشام ، فوصل إلى دمشق وهو الذي حاصر قلعتها وفتحها وقتل واليها بدر الدين بن قرمجاه ونقيبها . ونزل كتبغا بالمرج ، وحضر إليه رسل الفرنج بالساحل ، وأحضروا معهم التقادم ، وحضر إليه أيضا الملك الظاهر أخو الملك الناصر ، وكان بصرخد فأقره على حاله .
ثم توجه كتبغا إلى عجلون فامتنعت عليه قلعتها ، فحاصرها وأحضر إليه الملك الناصر وهو في حصار عجلون ، فأمر من بالقلعة أن يسلموها إلى التتار فسلموها . وجهز كتبغا الملك الناصر إلى هولاكو فوصل إليه وهو بحلب فسأله عن عساكر الديار المصرية ، فقال : عساكر ضعيفة ، وهم نفر قليل وصغرهم عنده . وقال : يكفيهم القليل من الجيش . فاقتصر هولاكو عند ذلك على كتبغا نوين ومن معه ولم يردفه بغيره .

الصفحة 263