كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 268 """"""
بيده قوسا . فبقي كذلك حتى مات ، حتى أن ولدا له صغيرا أحضر إليه قوسه ليوتره له ، فامتنع وقال : ما أقدر أمس القوس بيدي لأجل مرسوم أبغا . وفي سنة خمس وسبعين وستمائة وقع المصاف الكائن بين السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس وبين المغل أصحاب أبغا ، ومعهم العسكر الرومي بالبلستين من بلاد الروم . فكانت الهزيمة على المغل وعساكر الروم ، على ما نذكر ذلك إن شاء الله في أخبار دولة الترك في أيام الملك الظاهر . وقتل وأسر من المغل في هذا لمصاف خلق كثير ، وقيل أيضا وأسر من عسكر الروم . فلما اتصلت هذه الوقعة بأبغا جاء إلى موضع المصاف وشاهد القتلى ، فاستعظم قتل المغل وأسرهم ؛ وجاءه أيبك الشيخ أحد أمراء الملك الظاهر - وكان قد هرب - فأطلعه على أن البرواناه - وهو المتحكم في الروم نيابة عن الملوك السلجقية - كاتب الملك الظاهر ، وحثه على قصد الروم ، فنقم أبغا على البرواناه وأكد ذلك عنده أنه وجد القتلى من المغل وليس من الروم إلا القليل ، فأمر عند ذلك بنهب بلاد الروم ، وقتل من بها من المسلمين ، فتفرقت عساكره تقتل وتنهب المسلمين خاصة سبعة أيام ، ووكل أبغا بالبرواناه من يحفظه من حيث لم يشعر بذلك .
ثم سار إلى أرزنكان اشتراها ؛ واعتد ثمنها من الإتاوة التي على بلاد الروم ، وأخذ في استرجاع قلاع الروم . فلما وصل إلى قلعة بابرت ، خرج إليه شيخ منها ، وقال له : أريد أمان القان لأتكلم بين يديه . فقال : قل ولك الأمان . فقال : إن عدوك حضر إلى بلادك ولم يتعرض إلى رعيتك ، ولا أسأل لهم محجمة دم ، وأنت قصدت العدو وجئت في طلبه ، فلما فاتك قتلت رعيتك ونهبت بلادهم وخربتها . فمن هو من الخانات الذين تقدموك من أسلافك فعل مثل هذا الفعل وسن هذه السنة ؟ فأنكر أبغا عند ذلك على الأمراء الذين اشاروا عليه بذلك وأمر بإطلاق الأسرى المسلمين ، فأطلقوا ، وكانوا أربعمائة ألف أسير ، وعاد إلى الأردو .

الصفحة 268