كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 269 """"""
ذكر قتل سليمان البرواناه
قال : ولما وصل أبغا إلى الأردو استشار في أمر البرواناه ، فطائفة أشارت بقتله ، وطائفة أشارت بإبقائه ، فهم بإعادته إلى الروم . فتجمع نساء من قتل من المغل ونحن وبكين ، فسمعهن أبغا وسأل عن شأنهن ، فقيل إنهن بلغهن أن القان يريد إطلاق البرواناه ، فهن يبكين على أهلهن وأزواجهن . فعند ذلك أمر أبغا كوكجي بهادر - وهو من أمرائه - أن يأخذ البرواناه ويتوجه به إلى موضع عينه فيقتله . فاستدعى البرواناه وقال : إن أبغا يريد أن يركب ، ورسم أن تركب أنت وأصحابك معه ، فركب في اثنين وثلاثين نفرا من مماليكه وألزامه ، وتوجه مع كوكجي ، فأخذ به نحو البر ومعه مائتا فارس . فلما انتهوا إلى المكان المعين أحاط به فسأل المهلة أن يصلي ركعتين ، فأمهله . فلما قضى صلاته قتله وقتل من معه . ولما بلغ من بقي من مماليك البرواناه قتل صاحبهم تجمعوا وفيهم سنجر البرواني ، وبكتوت أمير أخور ، وأوتروا قسيهم ونكثوا نشابهم ، وقالوا : نموت كراماً . فطولع أبغا بخبرهم فشكرهم على ذلك وأعادهم إلى الروم . وكان مقتل البرواناه في آخر صفر سنة ست وسبعين وستمائة .
وفي سنة ثمانين وستماية في رابع عشر شهر رجب انهزم التتار أصحاب أبغا الذين حضروا مع جهته إلى الشام والتقوا مع السطان الملك المنصور قلاوون ، وكانوا صحبة منكوتمر بن هولاكو . وكان أبغا قد نازل الرحبة ثم جرد هؤلاء وعاد إلى الأردو ، ووصل منكوتمر بمن معه إلى حمص ، والتقوا هم والعساكر الإسلامية . فاستظهر التتار في مبادئ الوقعة فانهزمت ميسرة الملك المنصور ، وما شك التتار في الظفر ، ونزلوا وأكلوا الطعام . ثم كانت الدائرة عليهم فانهزموا أقبح هزيمة على ما نبينه في أخبار السلطان الملك المنصور . وأما منكوتمر ابن هولاكو فإن الهزيمة استمرت به إلى جزيرة ابن عمر ، فلما وصل إليها مات . وقيل إن علاء الدين الجويني صاحب

الصفحة 269