كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 277 """"""
ذكر مسير غازان إلى الشام ووقعة مجمع المروج واستيلائه على البلاد الشامية وعوده عنها
وفي سنة تسع وتسعين وستمائة توجه غازان بعساكره وجموعه ومن انضم إليه من الكرج والأرمن وصحبته الأمراء والنواب الذين التحقوا به من الديار المصرية والشام ، وسار بهم حتى قطع الفرات وانتهى إلى حلب ، وتقدم إلى مجمع المروج بالقرب من حمص . وجاء السلطان الملك الناصر بعساكره والتقوا في يوم الأربعاء ثامن وعشرين شهر ربيع الأول من هذه السنة ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزمت ميمنة التتار هزيمة قبيحة ، وقتل منهم خلق كثير ، فاعتزل غازان في نحو ثلاثين فارسا واعتد للهزيمة . ثم ركب من التتار من لم يشهد الوقعة ، وحملوا على ميسرة الملك الناصر ، فانهزمت وكانت الكسرة . وعاد الملك الناصر إلى الديار المصرية . وكانت القتلى من جيش غازان أضعاف من قتل من العساكر الإسلامية ، والنصر لهم .
ولما عاين غازان من قتل من عساكره ورأى الهزيمة ظنها مكيدة فتوقف عن اتباع من انهزم . ثم سار إلى حمص وبها الخزائن السلطانية فسلمها إليه وإلى حمص من غير ممانعة ، وأخرج إليه مفاتيح البلد فتسلمها ، وأمن أهلها . ورحل إلى دمشق ونزل بالغوطة وهي أحد مستنزهات الدنيا الأربعة ، وخرج إليه أكابر دمشق بالتقادم والتحف والهدايا . وتعرض من في عسكره من الأرمن إلى المدارس والمساجد والجامع بجبل الصالحية وخربوه وحرقوه . ورتب الأمير سيف الدين قفجاق لتحصيل الأموال من الدماشقة ، فأخذ في جبايتها فجبى من الأموال ما لا يحصى كثرة . ورسم بمحاصرة القلعة فحوصرت وبها الأمير علم الدين سنجر أرجواش المنصوري فحفظها فلم يتمكن غازان منها ولما اشتد الحصار خشى أرجواش أن يتمكن التتار من القلعة بما حولها من البنيان ، فهدمه جميعه ، فكان من جملة ما هدم دار السعادة وهي الدار التي يسكنها نواب السلطنة ؛ ودار الحديث الأشرفية ، والمدرسة العادلية ، ودار تعرف بالزين الحافظي ، وطواحين باب الفرج ، وغير ذلك مما جاور القلعة . وجاء رجل

الصفحة 277