كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 278 """"""
منجنيقي فالتزم لغازان بأخذ القلعة ، وقرر أن ينصب المجانيق عليها في جامع دمشق ، فأجمع أرجواش رأيه أنه متى نصبت المجانيق بالجامع رمى عليها بمجانيق القلعة . وكان ذلك يؤدي إلى هدم الجامع ، فانتدب رجال من أهل القلعة بعد أن تهيأت أعواد المجانيق ولم يبق إلا رميها وخرجوا بحمية الإيمان ، وهجموا الجامع ومعهم المياسير ، فأفندوا ما رتبه التتار وهيؤوه من أعواد المجانيق ، ثم جددوا غيرها واحترزوا عليها . فانتدب رجل من أهل القلعة ، وبذل نفسه والتزم بقتل المنجنيقي ، وخرج إلى الجامع والمنجنيقي بين المغل ، فتقدم إليه وضربه بسكين فقتله ، وهجم رجال القلعة فنفرت الناس عن القاتل وحماه أصحابه فجاء إلى القلعة وبطل ما دبروه من عمل المجانيق ونصبها على القلعة .
وكتب غازان إلى سائر نواب القلاع والحصون الشامية والساحلية في تسليمها فما أجابه أحد إلى تسليم ما بيده ، وتربصوا ثقة بالله تعالى ثم بالعساكر الإسلامية أنها لا تتأخر عن دفع غازان . وتقدم بكتابة الفرمانات وابتدأها بقوله بعد البسملة : بقوة الله تعالى وميامين الملة المحمدية ، وأظهر فيها شعائر الإسلام واتباع السنة . هذا وأفعاله تناقض أفعاله لأنه رضى بما فعله الأرمن من الفساد . ثم رتب الأمير سيف الدين قفجاق قبجق في النيابة عنه بالشام ، ورتب الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار في النيابة بالممالك الحلبية والحموية وحمص ، ورتب الأمير فارس الدين البكي الساقي في النيابة بالممالك الطرابلسية والصفدية والفتوحات والسواحل ، وجعل الأمير يحيى ابن جلال الدين على جباية الأموال ، ومرجع نواب الممالك إليه ، وجرد من عسكره عشرين ألف فارس صحبة بولاي وانشقا وججك وهولاجو ، فنزلوا الأغوار ، وشنوا الغارات ، فانتهت غاراتهم إلى القدس وبلد الجبل ونابلس ووصلوا إلى غزة ، وقتلوا بجامعها خمسة عشر نفرا .
ورحل غازان عائدا إلى الشرق في منتصف جمادى الأولى ، وترك نائبه قطلوشاه يحاصر قلعة دمشق ، فحصرها أياما فلم يتمكن منها ، فجبى له قفجاق من أهل المدينة مالا فأخذه وتوجه إلى غازان . ثم لم يلبث بولاي ومن معه من التتار إلا قليلا ، وتوجهوا إلى بعلبك والبقاع فأغاروا عليها ورجعوا إلى الشرق في ثامن شهر رجب من هذه السنة ، لما بلغهم أن السلطان الملك الناصر تجهز بجيوشه لدفعهم .

الصفحة 278