كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 27)

"""""" صفحة رقم 279 """"""
وأما السلطان الملك الناصر ، فإنه لما دخل إلى الديار المصرية شرع في الاهتمام والاحتفال بالعساكر ، وأنفق فيهم الأموال ، وعاد إلى الشام فبلغه توجه غازان ، فجرد نائبه الأمير سيف الدين سلار واستاذ داره الأمير ركن الدين بيبرس ، ثم انحاز إليه الامراء : سيف الدين قفجاق ، وسيف الدين بكتمر ، وفارس الدين البكي ، على ما نذكر ذلك في أخبار الدولة الناصرية .
وفي سنة سبعماية عاد غازان لقصد الشام ، وانتهى إلى حلب وتقدم ونزل فيها بينها وبين حماه . ثم خرج السلطان الناصر بعساكره إلى الشام ، وأقام بمنزله بدعرش بالقرب من غزة ، وجرد من العساكر طائفة . ثم عاد غازان إلى الشرق والملك الناصر إلى مصر من غير قتال .
ذكر مسير غازان إلى الشام وعوده وتجريد عساكره وانهزامها بمرج الصفر
وفي سنة اثنتين وسبعماية سار غازان من الأردو ونازل الرحبة وحاصرها ، فخرج إليه نائبها بلبان الغتمى بالإقامات ولاطفه ، وقال : أنت أيها الملك متوجه إلى الشام فإذا أخذت البلاد فهذه القلعة لا تمتنع عليك فوافقه غازان ، وأخذ ابنه ومملوكه رهينة ، ثم رحل عنها وعاد إليها . وجرد قطلوشاه وصحبته اثنا عشر تمانا لقصد الشام وعاد غازان إلى العراق في أوائل شعبان من السنة .
وهجم عساكره على أطراف البلاد الحلبية فتأخر العسكر إلى حماة وغارت كل طائفة منهم على القريتين ونهبوا من هناك من التركمان وسبوا نساءهم وذراريهم ، وتوجهوا منها في البرية إلى صوب عرض ، وهم زهاء عشرة آلاف فخرج إليهم طائفة من العساكر الإسلامية مقدمهم الأمير سيف الدين اسندمر كرجي نائب السلطنة بالمملكة الطرابلسية ، وعدتها على التحرير ألف وخمسمائة فارس ، فالتقوا هم والتتار على عرض ، واقتتلوا أشد قتال ، فكانت الكسرة على التتار ، وقتل منهم خلق كثير .

الصفحة 279