كتاب التخريج الصغير والتحبير الكبير
قَالَ: فَيوُحِي الله إِلَى عِيسَى أَنْ حَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُورِ، فَيَبْعَثُ الله يأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ كَمَا قَالَ الله: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، فَيَمُرُّ أَوَّلُهُمْ بِبُحَيْرَةٍ، فَيَشْرَبُون ما فِيَها، ثُمَّ يَمُرُّ آخِرُهُمْ، فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ بِهذهِ مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الحمرِ، وَهُوَ جَبَلٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الأرْضِ، فَهَلُمُّوا نَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بنشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّهَا الله عَلَيْهِمْ مَخْضُوَبةً دَمًا، فَيُحَاصَرُ عِيسَى -عليه السلام- وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ خَيْرًا يَوْمَئِذٍ مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمْ، فَيَرْغَبُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الله، فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى، مَوْتَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ.
فَيَهْبِط عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَلا يَجِدُونَ مَوْضِعَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ إِلا قَدْ مَلأهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ، فَيَدْعُو عِيسَى إِلَى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ الله عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ بالمهيلِ، وَيَسْتَوْقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جِعَابِهِمْ وَنُشَّابِهِمِ وَقِسِيِّهِمْ وَأَتْرَاسِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ، فَيُرْسِلُ الله مَطَرًا لا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُهَا حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلْفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأرْضِ: أَخْرِجِي بَرَكَتَكِ، وَرُدِّي ثَمَرَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَخْضَارُّ فَلا تَيْبَسُ، وَتُيْنِعُ فَلا تَذَهَبُ ثَمَرَتُهَا، حَتَّى إِنَّ الْعِصَابَةَ لَتُشْبِعُهُمُ الرُّمَّانَةُ، وَيَسْتَظِلُّونَ فِي قحْفِها، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ، حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتكفِي الْقَبِيلَةَ، وَحَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ.
الصفحة 95