كتاب صب الخمول على من وصل أذاه إلى الصالحين من أولياء الله

زاد أبو الفرج بن أبان: فقلت له: فهل رأيتَه بعد ذلك؟
قال: نعم، خرجتُ يومًا خارجَ طرسوس، إذا به جالسٌ تحت برجٍ من الأبرجة، وبين يديه ركوةٌ فيها ماء، فسلمت عليه، ثم استدعيت منه موعظة، فمدَّ رجلَه فقلب بها الماء، ثم قال: كثرةُ الكلامِ تنشِّف الحسناتِ كما نشفت الأرضُ هذا الماء. ثم قال: حسبك.
وبه إلى الإمامِ أبي الفرجِ: أنا محمدُ بن أبي القاسمِ: أنا حمدُ بن أحمدَ: أنا أحمدُ بن عبد الله: ثنا إسحاقُ بن أحمدَ: ثنا إبراهيمُ بن يوسفَ: ثنا أحمدُ بن أبي الحواريِّ: ثنا أحمدُ بن عاصمٍ، قال: إذا صارتِ المعاملةُ إلى القلب، استراحتِ الجوارحُ (¬1).
قال: وسمعته يقول: ما أَغْبِط أحدًا إلا مَنْ عرفَ مولاه، فأشتهي أن لا أموتَ حتى أعرفَه معرفة العارفين، الذين يستحبونه، لا معرفة التصديق (¬2).
وبه إلى أحمدَ بن عبد الله: سمعتُ أبي يقول: قال أحمدُ بن عاصمٍ: أنفعُ اليقينِ ما عَظُم في عينيك ما به أيقنت، وأنفعُ الخوفِ ما حجزك عن المعاصي، وأطالَ منك الحزنَ على ما فات، وألزمَكَ الفكرَ في بقية عمرِك، وخاتمةِ أمرك، وأنفعُ الصدقِ أن تُقِرَّ لله بعيوبِ نفسك، وأنفعُ الحياء أن تستحييَ أن تسأله ما تحبُّ، وتأتيَ ما يكره، وأنفعُ الصبر ما قَوَّاكَ على خلافِ هواكَ، وأفضلُ الجهاد مجاهدتُكَ نفسَك
¬__________
(¬1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/ 281).
(¬2) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/ 282).

الصفحة 166