كتاب صب الخمول على من وصل أذاه إلى الصالحين من أولياء الله
الذنب، ويحكَ! هل تدري ما كان ذنبُ أيوبَ -عليه السلام-، فابتلاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالبلاء في جسده، وذهاب ماله؟ إنما كان ذنبُ أيوبَ -عليه السلام- أنه استعان به مسكينٌ على ظلم يدرؤه عنه، فلم يُعنه، ولم يأمر بمعروف، ولم ينه الظالمَ عن ظلم هذا المسكين، فابتلاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬1).
وبه إلى الحافظِ أبي نعيمٍ: ثنا سليمانُ: ثنا عليُّ بن عبد العزيزِ: ثنا أبو نعيمٍ: ثنا سفيانُ الثوريُّ، عن ابن جُريجٍ، عن ابن أبي مُليكةَ، قال: قال ابن عباس: ذهبَ الناسُ، وبقي النسناس، قيل: وما النسناس؟ قال: الذين يتشبهون بالناس، وليسوا بالناس (¬2).
* هذا في زمنه، وفي زماننا: ذهب النسناسُ، وبقي الأنجاس، والخناسُ الذي يوسوس في صدور الناس.
وبه إلى أبي نعيمٍ: ثنا عمرُ بن أحمدَ: ثنا عليُّ بن محمدٍ: ثنا محمدُ بن إسماعيلَ: ثنا أبو نعيمٍ: ثنا شريكٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الله بن عباسِ، قال: يأتي على الناس زمانٌ يعرج فيه بعقول الناس، حتى لا تجد فيه أحدًا ذا عقل (¬3).
وقد روينا في "المسند"، في كثرة القتل، حتى يقتل الرجل أخاه، وحتى يقتل الرجلُ ابن عمه، قالوا: يا رسول الله! وعقولُنا معنا؟ قال: "لا، تَذْهَبُ عُقُولُ أَكْثَرِ النَّاسِ، فَيَصِيرُونَ أَجْسَادًا لا عُقُولَ
¬__________
(¬1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 324).
(¬2) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 324).
(¬3) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 328).