كتاب أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع
وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآَنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 55/ 1-4] .
وقال جل جلاله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 68/ 1] .
ومن أهم أهداف التفكير، والتعلم عند الإنسان أن يتعلم الناس شريعة الله، قال الله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 2/ 129] .
ومن هذه الأهداف أن يتفكروا في خلق السموات والأرض، وفي أنفسهم.
قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 51/ 21] .
وقال جل جلاله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 86/ 5] .
وقال سبحانه: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 88/ 17] .
وقال عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: 6/ 50] .
وفي كل هذه الآيات دليل على أن الله خلق لنا السمع، والبصر والفؤاد لنتفكر ونتأمل وننظر نظرة تمحيص، ونلاحظ ما حولنا ثم نمحص ذلك بعقلنا، وفؤادنا لنستخدم ما سخر الله لنا، أي لنتربى تربية علمية على الملاحظة والمناقشة، والاستنتاج والتفكير، فنجمع أكبر قسط من المعرفة والمخترعات، وحينئذ نظفر بميزة الزعامة على الإنسانية كما ظفر بها أسلافنا، ثم أضعناها؛ لأننا تركنا الاستفادة الحقة من سمعنا، وأبصارنا وأفئدتنا كما يريد الله منا.
5- مسئولية الإنسان وجزاؤه 1:
لم يكتف الإسلام بتكريم الإنسان، وتفضيله وتمييزه على الكائنات، بل حمله مقابل ذلك مسئولية عظيمة، وكلفه بتكاليف كثيرة، ورتب عليها الجزاء الوفاق.
حمله مسئولية تطبيق شريعة الله وتحقيق عبادته، تلك المسئولية التي أبت سائر المخلوقات أن تحملها، وأشفقت من حملها، قال تعالى:
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا}
__________
1 تطلق لفظة الجزاء على مقابلة الخير بالخير، ومقابلة الشر والشر، قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 42/ 40] ، وقال: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 55/ 60] .
الصفحة 35
240