قال الفرزدق: فطلبت حتى لفظني الناس وحتى ما يجيرني أحد. فحملني أخوالي بنو ضبة على بعيرين, وبعثوا معي مقاعساً, أحد بني تيم اللات بن ثعلبة يدلني. قال: فخرجنا في الليل لا نرى شخصاً إلا خفناه, ولزمنا شخصٌ لا يفارقنا, ثم تقدمنا فجثم على متن الطريق, وإذا هو الأسد! فنزلنا عن ناقتينا, وأخذت قوسي, فأقبل عليه مقاعسٌ فقال: أبا الحارث! أتدري/ ممن فررنا إليك؟.. من زيادٍ.فأحصب بذنبه حتى غشينا غبارٌ. قال: فهممت أن أرميه فكفني عنه صاحبي وقال: لا تهجه, فإنه إن أصبح ذهب. فأقمنا وأقام حتى انفتق عمود الصبح، ثم ولى فذهب، فقال الفرزذق:
ما كنت أحسبني جباناً بعدما ... لاقيت ليلة جانب الأحفار