جرى اليوم بين المخ والعظم منكما ... كأن الذي يسقي المدام سقاكما
أما ترحماني أنني صرت مفرداً ... وأني مشتاقٌ إلى أن أراكما
أناديكما بالصوت مني صبابةً ... فما تسمعان الصوت ممن دعاكما
ثم أمر بدفنهما, وأن يبنى عليهما طربالان عظيمان –أي صومعتان- فبنيا, وهما الغريان اللذان بظاهر الكوفة, / وجعل مثل ذلك اليوم الذي قتلهما فيه من كل سنةٍ يوم بؤسٍ, لا يأكل فيه ولا يشرب, ولا يسأله أحدٌ حاجةً إلا رده, ولا يلقى فيه أحداً إلا قتله! وجعل اليوم الذي يليه يوم نعيمٍ, لا يقدم عليه أحدٌ أو يدخل عليه إلا أعطاه, وحباه, وأكرمه, حتى كان يتناول الوحش في المفاوز والطير. فما أدرك منها في يوم بؤساه أمر بذبحه على الغريين.
فلم يزل على تلك الحال حتى قدم عليه عبيد بن الأبرص, وقد امتدحه بمديح له, فوافقه في يوم بؤسه, وكان النعمان به عارفاً.