كتاب العفو والاعتذار (اسم الجزء: 2)

قاعدٌ, قد سبقني إليها, وقوسه في حجره, فقال: أضيفنا! قلت: نعم. قال: أتسخو نفسك عن هذه الإبل؟ قلت: لا. فأخرج سهماً، كأن نصله لسان كلبٍ، ثم قال: أترى هذا السهم؟ أبصره بين أذني الضب. ثم رماه، فصدع عظمه عن دماغه، ثم قال: ما تقول؟ قلت: أنا على رأيي الأول. قال: فانظر هذا السهم الثاني في فقرة ظهره الوسطى، ثم رمى به، كأنما قدره بيده، ثم وضعه بأصبعه. ثم قال: رأيت؟ قلت: إني أحب أن أستثبت./ قال: فانظر هذا الثالث في عكرة أذنه، والرابع -والله- في بطنك، ثم رماه، فلم يخطئ العكرة. فقلت: أنزل آمناً؟ قال: نعم. فنزلت، فدفعت إليه خطام فحله، ثم قلت له: هذه إبلك لم تذهب منها وبرةٌ!.. وأنا أنتظر متى يرميني بسهم ينظم به قلبي.
فلما تنحيت قال: أقبل. فأقبلت -والله- خوفاً من شره، لا طمعاً في خيره، فقال لي: يا هذا، ما أحسبك الليلة جشمت ما جشمت إلا من حاجة. فقلت: أجل. قال: فاقرن من هذه الإبل بعيرين،

الصفحة 554