كتاب كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين

عن بريدة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، فقال: " اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن
.........................................................................................................
قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} 1 تهديد ووعيد.
قوله: عن "بريدة" هو ابن الحصيب الأسلمي، وهذا الحديث من رواية ابنه سلمان عنه.
قوله: " " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله تعالى " فيه من الفقه تأمير الأمراء ووصيتهم. قال الحربي: السرية: الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها، والجيش: ما كان أكثر من ذلك. وتقوى الله: التحرز من عقوبته بطاعته.
قوله: "ومن معه من المسلمين خيرا " أي ووصاه بمن معه أن يفعل معهم خيرا من الرفق بهم والإحسان إليهم وخفض الجناح لهم وترك التعاظم عليهم.
قوله: " اغزوا باسم الله " أي اشرعوا في الغزو مستعينين بالله مخلصين له، فتكون الباء في بسم الله للاستعانة بالله والتوكل عليه هنا.
قوله: " قاتلوا من كفر بالله " هذا العموم يشمل جميع أهل الكفر المحاربين من أهل الكتاب وغيرهم، واستثنى منهم من له عهد، وكذلك الذراري والأولاد والنساء والرهبان فلا يقتلون.
قوله: " ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا "الغلول: الأخذ من الغنيمة من غير قسمتها. قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 2 والغدر: نقض العهد. والتمثيل هنا: التشويه بالقتل، كقطع أنفه وأذنه والعبث به.
قوله: " وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - "الرواية بأو التي هي للشك والمعنى واحد.
قوله: " فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم " منصوب بأجابوا.
__________
1 سورة النحل آية: 91.
2 سورة آل عمران آية: 161.

الصفحة 253