كتاب كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين

وعن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله سبحانه وتعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم " 1 أخرجه أبو داود وغيره.
..........................................................................................................
داود عن العباس بن عبد المطلب قال: " كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب قال: والمزن قالوا: والمزن قال: والعنان قالوا: والعنان، قال أبو داود: ولم أتقن العنان جدا قال: هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض؟ قالوا: لا ندري قال: إن بعد ما بينهما إما واحدة أو ثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك - حتى عدد سبع سماوات - ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك "2. قال الحافظ الذهبي: رواه أبو داود بإسناد حسن، وروى الترمذي نحوه من حديث أبي هريرة وفيه: " بعد ما بين سماء إلى سماء خمسمائة عام "قال: ولا منافاة بينهما؛ لأن تقدير ذلك بخمسمائة عام هو على سير القافلة مثلا، ونيف وسبعون سنة على سير البريد.
"قلت ": وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما، مع ما يدل عليه صريح القرآن، فلا عبرة بقول من ضعفه.
وقد ابتدأ المصنِّف - رحمه الله تعالى - هذا المصنَّف العظيم ببيان توحيد الإلهية؛ لأن أكثر الأمة ممن تأخر قد جهلوا هذا التوحيد، وأتوا بما ينافيه من الشرك والتنديد، فقام ببيان
__________
1 رواه أبو داود رقم (4723) و (4724) و (4725) في السنة: باب في الجهمية , والترمذي رقم (331) في تفسير سورة الحاقة , وابن ماجه رقم (193) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية , وأحمد في " المسند" 1/206 و207 من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه , وفي سنده عبد الله بن عميرة , قال الذهبي في "الميزان": فيه جهالة.
2 البخاري: الصلاة (393) , والترمذي: الإيمان (2608) , والنسائي: تحريم الدم (3967) والإيمان وشرائعه (5003) , وأبو داود: الجهاد (2641) , وأحمد (3/224) .

الصفحة 264