كتاب تثبيت دلائل النبوة (اسم الجزء: 1-2)

والى أين توجهوا، فترسل في طلبهم وتغري بهم وتنفر عنهم وتنفق في ذلك الاموال. فأرسلوا الى النجاشي ملك الحبشة وهو اذ ذاك نصرانيّ بمن ينفّره عن المسلمين الذين فرّوا بأديانهم الى ارض الحبشة، وحملت اليه قريش هدايا ولاطفوه، وقالوا له: إن هؤلاء قوم منا، وقد اتبعوا رجلا منا فأفسدهم، وهو عدونا وعدو النصارى، وهو يقول في المسيح: أنه عبد مخلوق، فسلموهم الينا.
وكان هناك عثمان بن عفان ومعه امرأته رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وجعفر بن أبي طالب ومعه أسماء ابنة عميس، وخالد بن سعيد بن أبي أحيمة، والزبير بن العوام «1» ، وعمار بن ياسر «2» ، وأبو حذيفة بن عتبة «3» ، ونحو مائة من وجوه المهاجرين، وكانت لهم مع رسول قريش الى النجاشي مجالس وخصومات طويلة، فصارت العقبى للمسلمين، وقامت حجتهم، وعرفها النجاشي ملك الحبشة فأسلم واستبصر «4» .
وما زال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعرض نفسه على اهل المواسم اذا اجتمعت/ قبائل العرب، وخرج الى الطائف «5» يدعو الى الله ويقول: أنا رسول الله
__________
(1) الزبير بن العوام الصحابي المشهور المتوفي سنة 36 هـ، ولمعرفة خالد بن سعيد بن ابي أحيمة (العاص) انظر الاصابة 1: 91، ولبنت عميس وجعفر الاصابة 1: 11، وأسماء هي زوجة خالد بن سعيد.
(2) عمار بن ياسر الصحابي الجليل المتوفي سنة 37 هـ، وقد شهد بدرا وأحدا والخندق وليلة الرضوان، انظر الاستيعاب بهامش الاصابة 2: 469.
(3) هو ابو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، هاجر الى الحبشة ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو.
(4) كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر النجاشي بالخير دائما، وقد نعاه بنفسه للمسلمين سنة تسع من الهجرة.
(5) كان ذلك بعد وفاة ابي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد خرج الى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف فرده سادتها: عبد يا ليل بن عمرو، ومسعود بن عمرو، وحبيب بن عمرو ردا قبيحا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى التجأ الى حائط لعتبة ابن ربيعة وشبيبة بن ربيعة. الطبري 1: 1200.

الصفحة 21