كتاب تثبيت دلائل النبوة (اسم الجزء: 1-2)

وكم قد اسلم من العجم والانباط بصنعاء الذين كانوا جنود كسرى، واخرجهم مع سيف بن ذي يزن لينتصروا له من ملوك الحبشة الذين قتلوا اباه. ولعل قصتهم ان ترد عليك بأكثر من هذا الشرح.
فالذين اجابوه صلّى الله عليه وسلم وبهذه الشرائط وبلا حرب خلق كثير، وامم عظيمة هي مذكورة، يعرفها اهل العلم، ومن اراد ان يعرف/ ذلك حتى يصير في مثل حالهم قدر على ذلك ووجد السبيل اليه. فهؤلاء الذين اسلموا لله ومن خوف وتقربا الى الله، وهم عساكره.
ولما نشأت بدعة الخارجية «1» وهي اول بدعة نشأت في الاسلام، ثم بعدها وبعد دهر طويل نشأت بدعة الارجاء «2» ، ثم بعدها بدهر طويل نشأت بدعة القدر «3» ، وبعد بدعة القدر بدهر طويل نشأت بدعة الرفض «4» . فكان العلماء يقولون: لا تسبّوا اصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم فانهم اسلموا من خوف الله وأسلم الناس من خوف اسيافهم.
__________
(1) طائفة من المسلمين كانوا من اصحاب علي بن ابي طالب رضي الله عنه ثم خرجوا عليه بعد قبوله للتحكيم واتهموه بالكفر لذلك وطلبوا منه ان يتوب ويجدد اسلامه، وقالوا ان مرتكب الكبيرة كافر. وقد حاول علي ان يقنعهم فلم يستطع فحاربهم، ثم حاربهم خلفاء بني امية. لم يبق منهم الآن إلا عدد قليل في عمان وليبيا والجزائر.
(2) المرجئة على النقيض من الخوارج، فقد قالوا ان مرتكب الكبيرة مؤمن وانه لا يضر مع الايمان كفر، وهم على درجات في عقيدتهم هذه.
(3) يقصد من يقول ان العبد لا يقدر على فعله وان افعال العباد مخلوقة من الله فيهم.
(4) الرافضة طائفة من الشيعة، ويسميهم القاضي احيانا بالباطنية، واصح الاقوال في سبب تلقيبهم بذلك انهم طلبوا من زيد بن علي بن الحسين (وتنسب اليه الزيدية) ان يسب ابا بكر وعمر فرفض ذلك فرفضوه، ولم نجد ضرورة لتفصيل القول في هذه الطوائف لأنه ليس من مجال حديثنا.

الصفحة 24