كتاب تثبيت دلائل النبوة (اسم الجزء: 1-2)

ونسب بعضها الى الهند، وبعضها الى الروم، وبعضها الى اليونانية، وبعضها الى القبط، وبعضها الى النبط، وبعضها الى الفرس، فانما وضعها الواحد بعد الواحد، وزعم انه وجده لأهل تلك اللغة، وزعم انه عالم بتلك اللغة فنقله، فهو امر لا يقع به علم وليس معنا اكثر من دعوى هذا الواضع، فبمقدار ما يكتبه ويترجمه ويلقيه الى الورّقين فيدور/ في ايدي الناس فيقول من لا علم له ولا عادة له بمجالسة المعتزلة ومن اخذ عنهم ومن لا سبيل له الى طرق اهل العلم: هذا من كتب الأوائل؛ فاعرف هذا، فانه باب كبير وكل احد أمس الحاجة اليه فان الجهل وترك التأمل غالب على الناس، وأعداء الاسلام كثير، وهم بينهم، يكيدونهم بأنواع الكيد من حيث لا يشعرون.
فمن ذلك خطب ورسائل ووصايا وحكم وضعت في ايام بني العباس ونسبت الى أمم العجم، لا سبيل الى العلم بما ادعوا واضعوها من أنهم وجدوها للأوائل، وانما كان غرضه شغل الناس عن القرآن وعن عهود رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووصايا السلف بعده، ولعله انما اخذ ذلك وحصّل معانيه من القرآن ومن حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وغيّر اللفظ ونسبه الى أمم العجم والعلماء. وأهل التحصيل يتهمون عبد الله بن المقفع فيما وضعه من «كليلة ودمنة» وكتاب «اليتيمة» ، وما زعم انه وجده للفرس، فقالوا: ما معنا في هذا اكثر من الدعوى، وهو رجل بليغ اللسان بليغ العلم، فارسي الأصل، قد جرى من المجوسية على عرق، فقد كان فيها طويلا، وهو كثير الرواية لآداب العرب وعلومها، متعصب لقومه، قد أسلم بعد الكبر، وكان متهما في دينه.

الصفحة 71