كتاب تثبيت دلائل النبوة (اسم الجزء: 1-2)

وهكذا قالوا في أبان بن عبد الحميد اللاحقي «1» . وقد وضع سهل بن هارون بن رهبونة «2» الكاتب الفارسي صاحب المأمون، كتاب «ثغرة وثعلة» ، يعارضه به كتاب «كليلة ودمنة» ، وجعله على ألسن الطير والبهائم، وذكر فيه حكم العرب كما صنع ابن المقفع «3» في كليلة ودمنة عن هذا/ الذي سماه برزوي الطبيب، فقدمه في صدر الكتاب كأنه ما أراد إلا تشكيك أهل الديانات وأتباع الأنبياء صلى الله عليهم في اديانهم. وقد دار في أيدى قوم من المنجمين كتاب زعموا انهم وجدوه لجابان منجّم كسرى ملك فارس، وقد أخبر فيه بزعمهم أن نبوّة تحدث في العرب يكون مدة صاحبها كذا وكذا سنة. فذكر ايام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم ايام ابي بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، ولم يذكر اسماءهم، وفصل من أحوالهم وسيرهم وأعمالهم شيئا كثيرا. فافتتن به المنجمون حتى ظنوا ان «4» صنعتهم حق، وأنها تؤدي الى علم، وفتنوا بذلك خلقا كثيرا مما لا يدري من الامراء والوزراء وطبقات الكتاب، وجعلوا ذلك شاهدا لصنعة النجوم ونفقوها، فجرى ذلك بحضرة رجل من علماء المعتزلة فقال للمنجم الذي احتج بذلك في صحة صنعة النجوم وهو إسحق بن فليت اليهودي احد
__________
(1) هو ابان بن عبد الحميد بن لاحق، شاعر مكة، اتصل بالبرامكة ومدحهم ونظم لهم كليلة ودمنة شعرا وكتبا اخرى فارسية، توفي سنة 200 هـ. دائرة المعارف الاسلامية 1: 16 والاعلام 1: 20.
(2) كاتب بليغ فارسي الاصل، ومن واضعي القصص، ولاه المأمون رئاسة خزانة الحكمة، وكان شعوبيا يتعصب للعرب على العجم. معجم الأدباء 4: 258، فوات الوفيات 1: 181.
(3) كتب المعلق في حاشية الكتاب العبارة التالية: «في نسه ذلك الى المفيد وقد قال الناس ان الذي حكاه عن هذا الرجل الذي سماه» .
(4) في الاصل: انهم، ولعل الصواب ما اثبتناه.

الصفحة 72