كتاب تثبيت دلائل النبوة (اسم الجزء: 1-2)

بها المسيح عليه السلام، وهي مملوءة بتوحيد الله وتفرده بالقدم، وانه لا يشبه الأشياء، وانما هذه البدع ابتدعوها بعد المسيح، فأرادوا حمل بدعتهم في الشرك على ما في كتب الله فلم يتم ذلك وحصلوا على محض الشرك والتشبيه/.
فإن قيل: قد لعمري صدقتم فيما حكيتم من التثليث، فإن الملكية تقول فيه: إنه إله حق من إله حق من جوهر ابيه، وان القتل والصلب والولادة وقعت عليه بكماله؛ واليعقوبية تقول: حبلت مريم بالإله، وولدت الإله، وقتل الإله، ومات الإله، فما عندكم في النسطورية؟ فإنهم قد قالوا في المسيح انه مركب من نوعين وأقنومين «1» وطبعين، من إله ومن انسان، وان الولادة والقتل إنما وقعتا بالانسان وهو الذي يسمونه الناسوت.
قيل له: لو كانت النسطورية تقول في المسيح كما يقول المسلمون لما قدح ذلك في الخبر ولا اثر في العلم لأن التثليث قد وقع، كيف والنسطورية ترجع الى القول في المسيح الى قول اخوانهم من الملكية واليعقوبية، فيقال للنسطورية قد قلتم إنه إله حق من إله حق من جوهر ابيه، وقلتم إنه إله تام من إله تام، ثم قلتم إن لاهوته مولود من قبل الأب وناسوته مولود من قبل الأم، والولادة قد احاطت به من كل وجه ومن كل جهة؛ وايضا فإنكم تمدحون الإله بالولادة كما يمدحه المسلمون بتنزيهه عن الولادة، وتقولون لو لم يكن والدا لكان عقيما، وكل حى لا يكون والدا فإنما ذاك لنقص وآفة وعاهة.
فلا ينبغي ان تغالطوا عن حقيقة قولكم.
ثم يقال لهم: اخبرونا عن مريم هل حبلت بالمسيح في الحقيقة، وولدت
__________
(1) في الاصل: أقنيمين

الصفحة 96