كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

النَّجَاسَة الملاقية للْمَاء مُخَالطَة أَو مجاورة فِي وَجه شَاذ أَن النَّجَاسَة الْمُجَاورَة لَا تنجسه وَقَوله حلت فِيهِ نَجَاسَة احْتَرز بِهِ عَمَّا لَو تروح المَاء بجيفة ملقاة على شط المَاء فَإِنَّهُ لَا ينجس لعدم الملاقاة وَقَوله فَتغير احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا لم يتَغَيَّر المَاء الْكثير بِالنَّجَاسَةِ وَقد تكون قَليلَة وتستهلك فِي المَاء فَإِنَّهُ لَا ينجس وَيسْتَعْمل جَمِيع المَاء على الْمَذْهَب الصَّحِيح وَفِي وَجه يبْقى قدر النَّجَاسَة وَلَو وَقع فِي الماءالكثير نَجَاسَة توافقه فِي صِفَاته كبول مُنْقَطع الرَّائِحَة فَإنَّا نقدره على مَا تقدم فِي الطهارات وَلَو وَقع فِي المَاء الْكثير نَجَاسَة جامدة فَقَوْلَانِ الْأَظْهر أَنه يجوز لَهُ أَن يغترف من أَي مَوضِع شَاءَ وَلَا يجب التباعد لِأَنَّهُ طَاهِر كُله وَالْقَوْل الآخر أَنه يتباعد عَن النَّجَاسَة قدر قُلَّتَيْنِ وَلَو تغير بعض المَاء الْكثير فَالْأَصَحّ فِي الرَّافِعِيّ الْكَبِير نَجَاسَة جَمِيع المَاء وَالأَصَح فِي زِيَادَة الرَّوْضَة إِن كَانَ الْبَاقِي دون قُلَّتَيْنِ فنجس وَإِلَّا فطاهر وَرجحه الرِّفَاعِي فِي الشَّرْح الصَّغِير وَالله أعلم
(فرع) فِي زِيَادَة الرَّوْضَة إِذا وَقع فِي المَاء نَجَاسَة وَشك هَل هُوَ قلتان أم لَا فَالَّذِي جزم بِهِ الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره أَنه نجس لتحَقّق النَّجَاسَة وَللْإِمَام فِيهِ احْتِمَال وَالْمُخْتَار بل الصَّوَاب الْجَزْم بِطَهَارَتِهِ لِأَن الأَصْل طَهَارَته وَلَا يلْزم من النجاية التنجس وَالله أعلم قَالَ
(والقلتان خَمْسمِائَة رَطْل بالعراقي تَقْرِيبًا فِي الْأَصَح) لما روى الْمَاوَرْدِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ بقلال هجر لَا يُنجسهُ شَيْء) قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ ابْن جريج رَأَيْت قلال هجر والقلة تسع قربتين أَو قربتين وشيئاً فاحتاط الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَجعل الشَّيْء نصفا والقربة لَا تزيد فِي الْغَالِب على مائَة رَطْل وَحِينَئِذٍ فجملة ذَلِك خمس قرب وَهِي خَمْسمِائَة رَطْل بالعراقي وَهل ذَلِك على سَبِيل التَّقْرِيب أَو التَّحْدِيد الْأَصَح أَنه على سَبِيل التَّقْرِيب فعلى هَذَا الْأَصَح أَنه لَا يضر نُقْصَان قدر لَا يظْهر بنقصه تفَاوت فِي التَّغَيُّر بِقدر من الْمُغيرَات مِثَاله لَو وَضعنَا قدر رَطْل من الْمُغيرَات فِي خَمْسمِائَة رَطْل مَا تأثرت وَلَو نقصنا من مَاء آخر قدر رطلين مثلا أَو ثَلَاثَة وَهِي خَمْسمِائَة رَطْل ووضعنا رَطْل مَا تأثرت فَهَذَا النُّقْصَان لَا يُؤثر فَلَو وَضعنَا قدر رَطْل من الْمُغيرَات فِي خَمْسمِائَة رَطْل إِلَّا خَمْسَة أَرْطَال مثلا فأثر قُلْنَا هَذَا النَّقْص يُؤثر وعَلى قَول التَّحْدِيد يضر أَي نقص كَانَ كنصب الزَّكَاة وَقيل يُعْفَى عَن نقص رطلين وَقيل ثَلَاثَة وَنَحْوهَا وَقدر الْقلَّتَيْنِ بالمساحة ذِرَاع وَربع طولا وعرضاً وعمقاً وقدرهما بالدمشقي مائَة رَطْل وَثَمَانِية أَرْطَال وثلثي رَطْل تَقْرِيبًا على قَول الرَّافِعِيّ أَن رَطْل بَغْدَاد مائَة وَثَلَاثُونَ درهما وَالله أعلم قَالَ

الصفحة 17