كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

هَذَا الْقَدِيم فَحصل أَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على تَحْرِيم اسْتِعْمَال إِنَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي الْأكل وَالشرب وَالطَّهَارَة وَالْأكل بعلقة من أَحدهمَا والتبخر بمبخرة مِنْهَا وَجَمِيع وُجُوه الِاسْتِعْمَال وَمِنْهَا المكحلة والميل وظرف الغالية وَغير ذَلِك سَوَاء الْإِنَاء الصَّغِير وَالْكَبِير وَيَسْتَوِي فِي التَّحْرِيم الرجل وَالْمَرْأَة بِلَا خلاف وَإِنَّمَا فرق بَين الرجل وَالْمَرْأَة فِي التحلي لقصد زِينَة النِّسَاء للزَّوْج وَالسَّيِّد وَيحرم اسْتِعْمَال مَاء الْورْد والأدهان فِي قماقم الذَّهَب وَالْفِضَّة هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَفِي القناني وَكَذَا يحرم تَزْيِين الحوانيت والبيوت والمجالس بأواني الذَّهَب وَالْفِضَّة هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَجوزهُ بعض الْأَصْحَاب وَهُوَ غلط لِأَن كل شَيْء أَصله حرَام فالنظر إِلَيْهِ حرَام وَقد نَص الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب أَنه لَو تَوَضَّأ أَو اغْتسل من إِنَاء ذهب أَو فضَّة عصى وَيحرم اتِّخَاذ هَذِه الْأَوَانِي من غير اسْتِعْمَال على الصَّحِيح لِأَن مَا حرم اسْتِعْمَاله حرم اتِّخَاذه كالآت اللَّهْو عَافَانَا الله الْكَرِيم من تعَاطِي مَا هُوَ سَبَب للنار وَيحرم على الصَّائِغ صَنعته وَلَا يسْتَحق أُجْرَة لِأَن فعله مَعْصِيّة وَلَو كسر شخص هَذِه الْأَوَانِي فَلَا أرش عَلَيْهِ وَلَا يحل لأحد أَن يُطَالِبهُ بِالْأَرْشِ وَلَا رَفعه إِلَى ظَالِم من حكام زَمَاننَا لأنعم جهلة ويتعاطون هَذِه الْأَوَانِي حَتَّى يشربون الْمُسكر مَعَ آلَات اللَّهْو وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
(يمسخ نَاس من أمتِي فِي آخر الزَّمَان قردة وَخَنَازِير قَالُوا يَا رَسُول الله أَلَيْسَ يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله قَالُوا بلَى وَلَكنهُمْ اتَّخذُوا المعازف والقينات فَبَاتُوا على لهوهم ولعبهم فَأَصْبحُوا وَقد مسخوا قردة وَخَنَازِير) وَفِي حَدِيث أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
(من جلس إِلَى قينة يستمع مِنْهَا صب فِي أُذُنَيْهِ الآنك) والآنك بِضَم النُّون وَالْمدّ هُوَ الرصاص الْمُذَاب وَالله أعلم
وَأما أواني غير الذَّهَب وَالْفِضَّة فَإِن كَانَت من الْجَوَاهِر النفيسة كالياقوت والفيروزج وَنَحْوهمَا فَهَل تحرم فِيهِ خلاف قيل تحرم لما فِيهَا من الْخُيَلَاء والسرف وَكسر قُلُوب الْفُقَرَاء وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَا تحرم وَلَا خلاف أَنه لَا يحرم الْإِنَاء الَّذِي نفاسته فِي صَنعته وَلَا يكره كلبس الْكَتَّان وَالصُّوف النفيسين
(فرع) لَو اتخذ إِنَاء من نُحَاس وَنَحْوه وموهه بِالذَّهَب أَو الْفضة إِن حصل بِالْعرضِ على النَّار مِنْهُ شَيْء حرم على الصَّحِيح وَإِن لم يحصل بِالْعرضِ على النَّار مِنْهُ شَيْء فالمرجح فِي هَذَا الْبَاب أَنه لَا يحرم والمرجح فِي بَاب زَكَاة النَّقْدَيْنِ أَنه يحرم قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَلَو موه

الصفحة 20