كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

فَأشبه مَا لَو انْكَسَرت رجل شَاة فبادر إِلَى التَّضْحِيَة بهَا فَإِنَّهَا لَا تُجزئ وَمِنْهَا الْمَرِيضَة للْخَبَر فالمريضة إِن كَانَ مَرضهَا يَسِيرا لم يمْنَع الْإِجْزَاء وَإِن كَانَ بَينا يظْهر بِسَبَبِهِ الهزال وَفَسَاد اللَّحْم منع الْإِجْزَاء هَذَا هُوَ الْمَذْهَب وَفِي قَول أَن الْمَرَض لَا يمْنَع مُطلقًا وَالْمَرَض مَحْمُول فِي الحَدِيث على الجرب وَفِي وَجه أَن الْمَرَض يمْنَع مُطلقًا وَإِن كَانَ يَسِيرا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ قولا وَمن الْمَرَض الهيام وَهُوَ شدَّة الْعَطش فَلَا تروى من المَاء قَالَ أهل اللُّغَة هُوَ دَاء يَأْخُذهَا فتهيم فِي الأَرْض فَلَا ترعى وَمِنْهَا الْعَجْفَاء للْخَبَر فَلَا تُجزئ الْعَجْفَاء الَّتِي ذهب مخها من شدَّة هزالها لِأَنَّهُ داه مُؤثر فِي اللَّحْم فَإِن قل أَجْزَأت وَضبط الْأَصْحَاب الَّذِي يضر بِأَن يَنْتَهِي إِلَى حد تأباه نفوس المترفين فِي الرخَاء والرخص قَالَ ابْن الرّفْعَة يَنْبَغِي أَن يكون الْمرجع فِي ذَلِك إِلَى الْعرف قَالَ الْمَاوَرْدِيّ الَّتِي ذهب مخها إِن كَانَ لمَرض ضرّ وَإِن كَانَ لخلقة فَلَا يضر وَمِنْهَا الجرباء فَإِن كثر جربها ضرّ وَكَذَا إِن قل على الْأَصَح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ دَاء يفْسد اللَّحْم والودك وَاخْتَارَ الإِمَام وَالْغَزالِيّ أَنه لَا يمْنَع الْإِجْزَاء إِلَّا الْكثير كالمرض وَكَذَا قَيده الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر بالكثير وَمِنْهَا التولاء وَهِي الَّتِي تَدور فِي المرعى وَلَا ترعى وَمِنْهَا أَي من الْعُيُوب فقد الْأَسْنَان فَإِن ذهب بعض أسنانها لم يضر وَإِن تناثرت بِالْكَسْرِ أَو غَيره جَمِيع الْأَسْنَان قَالَ الإِمَام قَالَ الْمُحَقِّقُونَ يُجزئ لِأَنَّهُ لم يفت جُزْء مَأْكُول وَأطلق الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة أَنَّهَا لَا تُجزئ وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَاحْتج بِأَن الحَدِيث النَّهْي عَن المشيعة وَقَالَ بَعضهم إِن كَانَ ذَلِك لمَرض أَو أثر فِي الْعلف وَنقص اللَّحْم فَلَا تُجزئ وَإِلَّا أَجْزَأت قَالَ الرَّافِعِيّ وَهُوَ حسن وَقَالَ الشَّافِعِي لَا نَحْفَظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَسْنَان شَيْئا وَلَا يجوز فِيهَا إِلَّا وَاحِد من قَوْلَيْنِ إِمَّا الْمَنْع لِأَنَّهُ يضر بِاللَّحْمِ وَإِن قل أَو الْإِجْزَاء كفقد الْقرن وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تُجزئ مَقْطُوعَة الْأذن أَو الذَّنب) لَا تُجزئ مَقْطُوعَة الْأذن وَكَذَا الْمَقْطُوع أَكثر أذنها بِلَا خلاف فَإِن كَانَ يَسِيرا فَفِيهِ خلاف الْأَصَح عدم الْإِجْزَاء لفَوَات جُزْء مَأْكُول وَضبط الإِمَام الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير بِأَنَّهُ إِن لَاحَ من بعد فكثير وَإِلَّا فيسير وَلَو قطعت وَبقيت متدلية أَجْزَأت على الْأَصَح وَلَو كويت أَجْزَأت على الْمَذْهَب وَقيل لَا تُجزئ لتصلب مَوضِع الكي وتجزئ صَغِيرَة الْأذن وَلَا تُجزئ الَّتِي لم تخلق لَهَا أذن على الرَّاجِح وَتسَمى السكاء وتجزئ الَّتِي خلقت بِلَا آلية أَو ضرع فِي الْأَصَح وَالْفرق أَن الْأذن عُضْو لَازم بِخِلَاف الضَّرع والألية بِدَلِيل جَوَاز التَّضْحِيَة بِالذكر من الْمعز فَلَا تُجزئ مَقْطُوعَة الآلية والضرع على الْأَصَح لفَوَات جُزْء الْمَأْكُول وَكَذَا مَقْطُوعَة الذَّنب وَالله أعلم قَالَ
(وَيُجزئ الْخصي ومكسور الْقرن)
الْخصي هُوَ مَقْطُوع الْأُنْثَيَيْنِ وَالْمذهب أَنه يُجزئ لِأَن نقصهما سَبَب لزِيَادَة اللَّحْم وطيبه وَأغْرب ابْن كج فَحكى فِيهِ قَوْلَيْنِ وَجه عدم الْإِجْزَاء لما فِيهِ من فَوَات جُزْء مَأْكُول مستطاب

الصفحة 530