كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

بِشَرْط فِي دُخُول الْوَقْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل السوَاد بالِاتِّفَاقِ فَكَذَلِك فِي أهل الْأَمْصَار وَالله أعلم وَيخرج وَقت التَّضْحِيَة بِانْقِضَاء أَيَّام التَّشْرِيق لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام منى كلهَا منحر وَلِأَن حكم ثَالِث أَيَّام التَّشْرِيق حكم اليوميين قبله فِي الزَّمن وَفِي تَحْرِيم الصَّوْم فَكَذَا فِي الذّبْح وَالله أعلم
(فرع) تكره التَّضْحِيَة لَيْلًا خشيَة أَن يُخطئ المذبح أَو يُصِيب نَفسه أَو يتَأَخَّر بتفريق اللَّحْم طرياً وَالله أعلم قَالَ
(وَيسْتَحب عِنْد الذّبْح خَمْسَة أَشْيَاء التَّسْمِيَة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستقبال الْقبْلَة بالذبيحة وَالتَّكْبِير وَالدُّعَاء بِالْقبُولِ)
تسْتَحب التَّسْمِيَة لقَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْم الله عَلَيْهِ} ورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين ذبح أضحيته قَالَ باسم الله فَلَو لم يسم حلت لِأَن الله تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِح أهل الْكتاب وهم لَا يسمون غَالِبا وَورد أَن أُنَاسًا قَالُوا يَا رَسُول الله إِن قوما من الْأَعْرَاب يأتوننا بِاللَّحْمِ مَا نَدْرِي أذكروا اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سموا الله تَعَالَى وكلوا فَدلَّ على أَنَّهَا غير وَاجِبَة وَغير ذَلِك من الْأَدِلَّة
وَأما الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نَص الشَّافِعِي على استحبابها قِيَاسا على سَائِر الْمَوَاضِع وَلِأَن الله تَعَالَى رفع ذكره فَلَا يذكر إِلَّا وَيذكر مَعَه وَقد ثَبت ذكر التَّسْمِيَة وَأما تَوْجِيه الذَّبِيحَة إِلَى الْقبْلَة فَلِأَنَّهَا خير الْجِهَات وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجه ذَبِيحَته إِلَى الْقبْلَة وَقيل يَنْبَغِي أَن يكره لِأَنَّهَا حَالَة إِخْرَاج نَجَاسَة فَهِيَ كالبول وَأجِيب بِأَنَّهَا حَالَة يسْتَحبّ فِيهَا ذكر الله تَعَالَى بِخِلَاف تِلْكَ وَفِي كَيْفيَّة التَّوْجِيه أوجه أَصَحهَا تَوْجِيه المذبح ليَكُون الذَّابِح مُسْتَقْبلا كَمَا هُوَ الْأَفْضَل وَأما التَّكْبِير فَفِي رِوَايَة أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بِيَدِهِ الْكَرِيمَة سمى وَكبر وَوضع رجله المشرفة على صفحاتهما وَأما الدُّعَاء بِالْقبُولِ فمستحب وَلَفظه اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتقبل مني وَمعنى ذَلِك هَذِه نعْمَة وعطية مِنْك سقتها وَتَقَرَّبت بهَا إِلَيْك وَاحْتج لذَلِك بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ عِنْد التَّضْحِيَة بذاتك الكبشين اللَّهُمَّ تقبل من

الصفحة 532