كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

فَإِن وكلاه مَعًا وَكَانَ الْمهْدي أَو الراشي مَعْذُورًا لأجل خلاص حَقه حرم على الْمُتَوَسّط لِأَنَّهُ وَكيل الْآخِذ وَهُوَ محرم عَلَيْهِ وَالله أعلم قَالَ
(ويجتنب الْقَضَاء فِي عشرَة مَوَاضِع عِنْد الْغَضَب وَعند الْجُوع والعطش وَشدَّة السهر والحزن والفرح المفرط وَعند الْمَرَض ومدافعة الأخبثين وَغَلَبَة النعاس وَشدَّة الْحر وَالْبرد)
الأَصْل فِي ذَلِك كُله قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقْضِي الْحَاكِم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان مَعْلُوم أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لم يرد الْغَضَب نَفسه بل الِاضْطِرَاب الْحَاصِل لَهُ بِهِ المغير لِلْعَقْلِ والخلق وَهُوَ فِي هَذِه الْأَحْوَال الَّتِي ذكرهَا الشَّيْخ مغير لِلْعَقْلِ وَإِن تفاوتت فَلَا يتوفر الِاجْتِهَاد وَهل الْمَنْع للكراهة الَّذِي صرح بِهِ الرَّافِعِيّ وَجَمَاعَة أَنه يكره وَكَلَام الْمَاوَرْدِيّ يقْضِي أَنه الأولى فَإِن حكم فِي هَذِه الْأَحْوَال نفذ حكمه قَالَ الإِمَام الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة وَالْغَضَب عَن الحكم فِيهِ إِذا كَانَ لغير الله تَعَالَى أما إِذا كَانَ لله تَعَالَى فَلَيْسَ مَنْهِيّا عَنهُ وَاسْتَغْرَبَهُ الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ الْمَحْذُور هُوَ عدم توفيره على الِاجْتِهَاد وَلَا يخْتَلف الْحَال فِيهِ بَين الغضبين وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا يسْأَل الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَّا بعد كَمَال الدَّعْوَى)
إِذا جلس الخصمان بَين يَدي القَاضِي فَلهُ أَن يسكت حَتَّى يتكلما وَله أَن يَقُول ليَتَكَلَّم الْمُدَّعِي مِنْكُمَا وَأَن يَقُول للْمُدَّعِي إِذا عرفه تكلم وخطاب الْأمين الْوَاقِف على رَأسه أولى فَإِذا ادّعى الْمُدَّعِي وَفرغ من دَعْوَاهُ سَأَلَ حِينَئِذٍ القَاضِي الْخصم أَن يُجيب وَيَقُول لَهُ مَا تَقول وَفِي وَجه لَا يُطَالِبهُ بِالْجَوَابِ حَتَّى يسْأَله الْمُدَّعِي كَمَا لَا يُطَالب بِالْمَالِ حَتَّى يسْأَل الْمُدَّعِي وَالصَّحِيح الأول لِأَن بسؤال القَاضِي تنفصل الْخُصُومَة وَيظْهر أثر الدَّعْوَى فَإِذا سَأَلَهُ نظر فِي الْجَواب إِن أقرّ بالمدعي فللمدعي أَن يطْلب من القَاضِي الحكم وَحِينَئِذٍ يحكم بِأَن يَقُول أخرج من حَقه أَو ألزمتك الْخُرُوج من حَقه وَمَا أشبه ذَلِك وَهل يثبت الْحق بِمُجَرَّد الْإِقْرَار أم لَا بُد فِي ثُبُوته من قَضَاء كالبينة وَجْهَان أصَحهمَا يثبت بِمُجَرَّد الْإِقْرَار بِخِلَاف الْبَيِّنَة وَالْفرق أَن دلَالَة الْإِقْرَار على وجوب الْحق جلية وَالْبَيِّنَة تحْتَاج إِلَى نظر واجتهاد وَإِن أنكر الْمُدعى عَلَيْهِ فللقاضي أَن يسكت وَله أَن يَقُول للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَقيل لَا يذكر شَيْئا لِأَنَّهُ كالتلقين فعلى الصَّحِيح إِن قَالَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَة حَاضِرَة وأقامها فَلَا كَلَام وَإِن قَالَ لَا أقيمها وَأُرِيد يَمِينه مكن مِنْهُ وَإِن قَالَ لَيْسَ لي بَيِّنَة حَاضِرَة فَحلف الْمُدعى عَلَيْهِ ثمَّ جَاءَ بِبَيِّنَة سَمِعت وَإِن قَالَ لَا بَيِّنَة لي لَا حَاضِرَة وَلَا غَائِبَة

الصفحة 554