كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

شَهَادَتهم وَلَا حَاجَة إِلَى التَّعْدِيل وَإِن طلبه الْخصم وَلم يعرف حَالهم لم يجز قبُول شَهَادَتهم وَالْحكم بهَا إِلَّا بعد الاستزكاء وَالتَّعْدِيل سَوَاء طعن الْخصم فيهم أَو سكت لِأَنَّهُ إِذا قبلهم وَسَأَلَ الحكم بِشَهَادَتِهِم لزمَه وَلَا يجوز الحكم إِلَّا بعد الْبَحْث عَن شُرُوط الشَّهَادَة وَلَا يجوز الِاكْتِفَاء بِأَن الظَّاهِر من حَال الْمُسلم الْعَدَالَة كَمَا لَا يجوز بِأَن الظَّاهِر من حَال من فِي دَار الْإِسْلَام الْإِسْلَام اكْتِفَاء بِالدَّار فَلَو أقرّ الْخصم بِعَدَالَتِهِمْ فَهَل يحكم بِلَا بحث وَجْهَان قيل نعم لِأَن الْبَحْث حَقه وَقد اعْترف بِعَدَالَتِهِمْ وَالصَّحِيح لَا بُد من الْبَحْث وَالتَّعْدِيل من أجل حق الله تَعَالَى وَلِهَذَا لَا يجوز الحكم بِشَهَادَة فسق وَإِن رَضِي الْخصم وَلِأَن الحكم بِشَهَادَتِهِ يتَضَمَّن تعديله وَالتَّعْدِيل لَا يثبت بقول وَاحِد وَيَكْفِي فِي التَّعْدِيل أَن يَقُول هُوَ عدل لِأَنَّهُ أثبت الْعَدَالَة الَّتِي اقتضاها ظَاهر إِطْلَاق الْآيَة الْكَرِيمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي كتاب حَرْمَلَة وَنَصّ فِي مَوضِع آخر مِنْهُ أَنه سَيَقُولُ عدل رَضِي واشترطه بعض الْأَصْحَاب وَقيل لَا بُد أَن يَقُول هُوَ عدل عَليّ ولي قَالَ الإِمَام وَهُوَ أبلغ عِبَارَات التَّزْكِيَة وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْأُم والمختصرلأن قَوْله عدل لَا يثبت الْعَدَالَة على الْإِطْلَاق لجَوَاز أَن يكون عدلا فِي شَيْء دون شَيْء فبهذه الزِّيَادَة يَزُول الِاحْتِمَال كَذَا علله أَبُو إِسْحَاق وَعلله غَيره بِأَن الْعدْل قد يكون مِمَّن لَا تقبل شَهَادَته لَهُ بِأَن يكون أَبَاهُ أَو ابْنه أَو لَا تقبل عَلَيْهِ لعداوة فَإِذا قَالَ عَليّ ولي زَالَ الِاحْتِمَال فَإِن علم أَنه لَا نسب بَينهمَا وَلَا عَدَاوَة لزم ذَلِك على التَّعْلِيل الأول دون الثَّانِي قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تقبل شَهَادَة عَدو على عدوه وَلَا شَهَادَة وَالِد لوَلَده وَلَا ولد لوالده)
يشْتَرط فِي الشَّاهِد عدم التُّهْمَة وَلها أَسبَاب مِنْهَا البعضية الَّتِي تشْتَمل على الْأُصُول وَالْفُرُوع وَمِنْهَا الْعَدَاوَة فَلَا تقبل شَهَادَة الْعَدو على عدوه إِذا كَانَت لأمر دُنْيَوِيّ لقَوْله تَعَالَى {وَأدنى أَلا ترتابوا} والعداوة أقوى من الريب وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة وَلَا مجلود حدا وَلَا ذِي غمر وَلَا جنَّة وَلَا ظنين فِي قرَابَة والغمر بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة الشحناء وَقيل الْعَدَاوَة فَإِن قيل بِمَ تعرف الْعَدَاوَة فَالْجَوَاب قَالَ القَاضِي حُسَيْن الْعَدو هُنَا من يظْهر من أَقْوَاله وأفعاله

الصفحة 556