كتاب كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

الرّقّ كَمَا يتبعهَا فِي الْحُرِّيَّة قَالَ
(وَإِن أَصَابَهَا بِشُبْهَة فولده مِنْهَا حر وَعَلِيهِ قِيمَته لسَيِّده فَإِن ملك الْأمة بعد ذَلِك لم تصر أم ولد لَهُ بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاح وَصَارَت أم ولد لَهُ بِالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ)
إِذا وطئ الشَّخْص أمة الْغَيْر ظَانّا أَنَّهَا زَوجته الْحرَّة أَو أمته أَو أم وَلَده فَالْوَلَد حر نظرا إِلَى ظَنّه وَعَلِيهِ قِيمَته للسَّيِّد لِأَنَّهُ فَوت رقّه بظنه وَلَا تصير الْأمة أم ولد فِي الْحَال لعدم ملكه لَهَا فَإِن ملكهَا بعد ذَلِك فَهَل تصير أم ولد لَهُ قَولَانِ
أَحدهمَا نعم تصير أم ولد لَهُ لِأَن الْعلُوق بِالْحرِّ فِي الْملك بِسَبَب الْحُرِّيَّة بعد الْمَوْت كَمَا أَن الْقَرَابَة عِنْد الْملك بِسَبَب الْعتْق فِي الْحَال فَلَمَّا كَانَ الْملك إِذا طَرَأَ على الْقَرَابَة حصل الْعتْق فِي الْحَال فَكَذَا إِذا طَرَأَ بعد انْعِقَاد الْوَلَد حرا يحصل بعد الْمَوْت
وَالثَّانِي لَا تصير وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَهُوَ مَا جزم بِهِ الشَّيْخ لِأَنَّهَا علقت مِنْهُ فِي غير ملكه فَأشبه مَا لَو علقت بِهِ فِي نِكَاح وَكَذَا لَو غر بحريّة أمة فنكحها فَإِن وَلَده مِنْهَا حر وَفِي صيرورتها أم ولد لَهُ إِذا ملكهَا هَذَانِ الْقَوْلَانِ وَقَول الشَّيْخ وَصَارَت أم ولد لَهُ بِالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ هَذَا قَول مَرْجُوح وعلته مَا قدمنَا أَن حريَّة الْوَلَد سَبَب لأمية الْأُم عِنْد الْملك وَالْمذهب أَنَّهَا لَا تصير لِأَنَّهَا علقت فِي غير ملك الْيَمين وأعدنا التَّعْلِيل للإيضاح
فنسأل الله الْعَزِيز الْقَدِير أَن يرشدنا إِلَى طرق النجاح والفلاح إِنَّه سُبْحَانَهُ فالق الْحبّ والإصباح وَقد كَانَ فِي النَّفس من الزِّيَادَة على مَا مر ولاح إِلَّا أنني عارضني فِي ذَلِك عدُول النَّفس عَن طلب الْعلم وتسريحها فِي رياض الارتياح فضربنا صفحاً عَن التَّطْوِيل والمغالاة ونادينا بِلِسَان الْحَال هلموا إِلَى هَذَا اللقحة فَإِن السماح رَبَاح وَالْحَمْد لله على مَا يسر من تَعْلِيق هَذِه الأحرف حمداً لَا يَنْقَطِع عِنْد الْمسَاء والصباح وصل الله عَليّ سيد الْأَوَّلين والآخرين وقائد الغر المحجلين رَسُول رب الْعَالمين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وعَلى جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وعَلى كل الْمَلَائِكَة والمقربين وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وعَلى آل كل وَسَائِر الصَّالِحين وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
قَالَ مُؤَلفه نفع الله بِهِ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين فرغت مِنْهُ يَوْم الْجُمُعَة فِي الْعشْر الأول من شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَكَانَ ذَلِك بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية بالقدس الشريف زَاده الله شرفا وكرامة إِنَّه على مَا يَشَاء قدير وبالإجابة جدير غفر الله لنا وَلمن أحبنا وَلمن قَرَأَ فِي كتَابنَا هَذَا ودعا لنا بالمغفرة وللمسلمين آمين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

الصفحة 586