كتاب بداية العابد وكفاية الزاهد في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

واحدةً بَعدَ أُخرى، يرفَعُ يمناهُ مع كُلِّ حَصَاةٍ حَتَّى يُرى بياضُ إِبْطِهِ، ويُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حصاةٍ، ثُمَّ ينحَرُ ويَحْلِقُ أَو يقصِّرُ مِنْ جميع شَعرِهِ، لا مِن كُلِّ شعرةٍ بعينها، والمرأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شعرها قدر أنْمُلَةٍ، ثُمَّ قد حَلَّ كُلّ شيءٍ إِلاَّ النساء، ثُمَّ يُفِيضُ إِلى مكة فيطوف طوافَ الزيارة الذي هو ركنٌ، ثُمَّ يسعى إِن لم يكن سعى، وَقَدْ حَلَّ له كُلُّ ِّشيءٍ.
وَسُنَّ أَن يشربَ مِنْ زمزمَ لِمَا أحَبَّ، ويتضلعُ ويرشُ على بدنه وثوبه ويدعو بما وَرَدَ.
* * *
فَصْلٌ
ثُمَّ يرجِعُ فيصلي ظهر يوم النحر بمنى، ويبيت بها ثلاث ليالٍ، ويرمي الجمرات الثلاث بها أَيام التشريق، كل جمرة بسبع حصيات، ولا يجزِئُ رمي غير سُقاة ورعاة إِلاَّ نهاراً بَعْدَ الزوالِ، فإِن رمى ليلاً أَوْ قبل الزَّوَالِ لم يجزئهُ، وسُنَّ قبل صلاة الظهر.
وطوافُ الوداع واجبٌ يفعلُهُ كُلُّ مَن أَرادَ الخروج مِنْ مكة، ثُمَّ يَقِفُ في المُلتزمِ بين الرُّكنِ والباب ملصقاً به جميعَه داعياً بما وَرَدَ، وتدعو الحائض والنُّفَساءُ على بابِ المسجد.
وسُنَّ دخولُه البيت بلا خُفٍّ ولا نعِلٍ ولا سلاحٍ.
وتستحبُّ زيارةُ قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَبْري صاحِبَيْهِ رضي الله عنهما (1)، فيُسَلِّمُ عليه مستقبلاً له، ثُمَّ يستقبل القبلة ويجعل الحجرة
__________
(1) الحَقُّ أَن المشروع زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا زاره استحب له السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه - رضي الله عنهما -.

الصفحة 76