كتاب أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند (اسم الجزء: 1)

المطلب الثالث: اهتمام الاستشراق بالعقيدة الإسلامية:
ومن المعروف أن الاستشراق عامة وفي الهند خاصة قد مرّ في مراحله الأولى منطبعا بالصبغة الدينية المتمثلة في التنصير، وكما رأينا آنفًا أن معظم المستشرقين الذين اشتغلوا في الهند كانوا منصرين قد عملوا تحت إدارة الاستشراق ودعاية النزاهة العلمية، يقول د. ساسي الحاج: "إن الرعيل الأول من المستشرقين البريطانيين كان دافعهم الأول لدراسة العربية واللغات الشرقية دافعًا دينيًا ..... حتى قال: "وإن اختلفت أغراض هؤلاء المستشرقين إلا أن الرعيل الأول كان يهتم بالدراسات العربية والإسلامية لأهداف دينية أهمها التتبشير (التنصير) (¬١) ويأتي بعدها الأهداف الثقافية والتجارية والاقتصادية التي اهتم بها المستشرقون المتأخرون" اهـ (¬٢).
ويصرح بهذا الهدف الدينى المستشرق الفرنسى غارسون دتاسي فيقول: "إن الحكومة البريطانية عندما نشرت هذه المطبوعات العديدة من النوع العقدي ليس القصد من ورائها نشر بعض الأفكار الغربية فقط بل كانت تستهدف إلى نشر الأفكار المسيحية (النصرانية) (¬٣) أيضًا" اهـ (¬٤).
وطلبت جمعية "تطوير العلوم المسيحية" نشر الدين النصراني من بابا "آرك" رسميًا سنة ١٨١٣ م، فتعين (Bishop) أسقفًا، واثنيين من كبار الشمامسة لإدارة الأعمال التنصيرية في الهند، وبدأوا ينشرون الدين النصراني في جميع شبه القارة الهندية
---------------
(¬١) يسمي النصارى نشاطهم التنصيري تبشيرا، ولا ينبغي لنا أن نستعمل هذه الكلمة بهذا المعنى.
(¬٢) ينظر الدراسات العربية والإسلامية في أوربا لـ د. ميثال حجا ص: ٣٠.
(¬٣) هذه الكلمة منسوبة إلى كلمة (Christ) أي المسيح والكلمة التي وردت في القرآن لمتبعي هذا الدين هي النصارى فالدين الذي يتبعونه هو النصرانية.
(¬٤) خطبات غارسون دتاسي ص: ١٩٥.

الصفحة 13