كتاب أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند (اسم الجزء: المقدمة)

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فمما من الله به على هذه الأمة أن حفظ لها دينها عقيدة وشريعة، وصانه من كيد الأعداء، وإبطال المبطلين، وإلحاد الملحدين، فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬١) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" اهـ (¬٢) فكلما حاول أعداء الإسلام أن يكدروا عين الإسلام الصافية قيض الله العلماء المخلصين ليعيدوا الحق إلى نصابه.
وقد تعرضت الأمة الإسلامية في تاريخها للغزو الفكري الخارجي، وللهجمة العنيفة على دينها طورا من داخل الشرق، وأديانه وثقافاته القديمة، وآخر من الغرب عندما ترجمت علوم اليونان إلى لغة المسلمين وكذلك لما نقل الفكر الغربي إلى لغات المسلمين في العصر الحديت تبين أنهم يركزون على العقل الإسلامي تركيزا شديدا بالتغيير.
وتُعدُّ الهند في طليعة الدول التي تعرضت للغزو الفكري الغربي تعرضا مباشرا، حيث تمكنت بريطانيا من بسط سيطرتها السياسية الكاملة على الهند منذ وقت مبكر، حين كانت البلاد الأخرى تتأتر بالحضارة الغربية تأثرا غير مباشر، وفور ما سيطر الإنجليز على الهند سنة ١٨٥٧ م استفاد المستشرقون والمنصرون من هذه السلطة
---------------
(¬١) سورة الحجر: ٩
(¬٢) سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة: ٤/ ٤٨٠ (٤٢٩١) صححه الألباني: الصحيحة (٥٩٩).

الصفحة 2