كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

الاغتسال للإحرام ولدخول مكة ولوقوف عرفة (¬1).
فالفرض للغسل والوضوء مرة مرة؛ لقول الله -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، وقوله: {فَاطَّهَّرُوا}، و {حَتَّى تَغْتَسِلُوا}، و {حَتَّى يَطْهُرْنَ}، فورد الأمر في جميع ذلك على صيغة واحدة، فلم يلزم بمجرد الأمر -لقوله تعالى في الغسل والطهر- إلا مرة واحدة، وكذلك الوضوء.
وقد أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على السائل عن الحج: هل هو في كل عام (¬2)؟ فأخبر أن الفرض مرة (¬3)، وأنه كان يكتفي في ذلك بما ورد فيه عن السؤال، والرجوع في ذلك إلى إخبار (¬4) النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمر يقتضي فعل مرة واحدة، أولى من الاحتجاج بقول من أنكر عليه سؤاله، وأخبره أن سؤاله وقع غير موقعه.
وأما ما قيل: إن الفرض في الوضوء كان لكل صلاة ثم نسخ في فتح مكة- فغلط؛ لحديث أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ" (¬5)، وإن أمَّته كانت على خلاف ذلك تلتزم الواجب فتصلي الصلوات بوضوء واحد، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك للفضيلة، وإنما سأله عمر عن مخالفته لعادته (¬6)، ولحديث سويد
¬__________
(¬1) زاد في (ر): (فإنه يغتسل، وإن كانت الطهارة للأول لم تنتقض).
(¬2) أخرجه مسلم: 2/ 975، في باب فرض الحج مرة في العمر، من كتاب الحج، برقم (1337).
(¬3) زاد في (ر): (في العمر).
(¬4) قوله: (عن السؤال. . . إلى إخبار) ساقط من (ر).
(¬5) سبق تخريجه، ص: 5.
(¬6) في (ر): (العادة)، وسؤال عمر - رضي الله عنه - أخرجه مسلم: 1/ 232، في باب جواز الصلوات كلها =

الصفحة 10