كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

واختلف في النعلين يطأ بهما على ما يكون من أرواث الدواب، فقال مالك: يدلكهما ويصلي فيهما.
وقال ابن حبيب: لا يجزئه ذلك لخفة نزعهما، وهذا أبين. وقال مالك فيمن وطئ على دم أو عذرة (¬1) بخفيه: لم يصل فيهما حتى يغسلهما (¬2).
يريد لأن كون ذلك في الطرق نادر، ومن مشى حافيًا فأصاب رجليه شيء مما يكون من الدواب مسحهما وصلى على أحد قولي مالك في النعلين، وأرى ألا يجزئه إلا الغسل، إلا أن يكون فقيرًا يشق عليه شراء ما يصون به رجليه من ذلك.
وقال مطرف في كتاب ابن حبيب في مسافر على طهارة، وكان مسح على خفيه فوطئ بخفيه على نجاسة ولا ماء معه: أنه ينزعهما ويتيمم ويصلي؛ لأنه أُرخص في الصلاة بالتيمم، ولم يرخص في الصلاة بالنجاسة.
وقال مالك في سماع أشهب فيمن توضأ ثم وطئ على المكان القذر الجاف: لا بأس بذلك؛ قد وسع الله على هذه الأمة، ثم تلا: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] (¬3).
وقال أبو بكر بن اللباد (¬4): ذلك إذا مشى بعد ذلك على أرض طاهرة؛ لما
¬__________
(¬1) العذرة: أصلها فناء الدار، وكان يلقون الخبث في أفنية الدور فسمي الخبث عذرة بذلك.
انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة , للجُبِّي، ص: 16.
(¬2) انظر: المدونة: 1/ 127.
(¬3) انظر: البيان والتحصيل: 1/ 128، والنوادر والزيادات: 1/ 84.
(¬4) هو: أبو بكر، محمد بن محمد بن وشاح اللخمي -مولاهم- الإفريقي، المعروف بابن اللباد. المتوفى سنة 333 هـ, فقيه علامة , تفقه على يحيى بن عمر، وعليه عول، وكان من بحور العلم، وتخرج به أئمة منهم أبو محمد بن أبي زيد، وقد امتحن وضرب وسجن، ومنعه بنو عبيد من الإقراء والفتيا إلى أن توفي، صنف "عصمة الأنبياء"، و"كتاب الطهارة" "و" =

الصفحة 103