كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 3)

باب في الفقير، هل تلزمه زكاة الفطر؟
اخْتُلِفَ في ذلك على ثلاثة أقوال: فقال مالك في المدونة فيمن تحل له زكاة الفطر: إنه يؤديها، قال: وإن كان محتاجًا ووجد من يُسَلِّفُه فَلْيَتَسَلَّف (¬1). وقال ابن حبيب: إذا كان عنده فضلٌ عن قوتِ يومِه أخرجها. يريد: فضلًا عن قوتِه وقوتِ عيالِه. وهذا راجع إلى ما في المدونة. وقال أبو محمد عبد الوهاب: يخرجها إذا كان لا يلحقه ضرر بإخراجها من فساد معاشه، أو جوعه، أو جوع عياله (¬2). وقال ابن الماجشون في المبسوط: الحدُّ الذي تجبُ به وتسقط من حال اليسرِ والفقر (¬3) أنه من كانت تحلُّ له سقطت عنه. وقاله مالك في كتابِ محمدٍ، قيل له: إن كانت له عشرةُ دراهم فأخرجَ زكاةَ الفطرِ أيأخذُ منها؟ فقال: أَيُخْرِجُ ويأخذُ؟! لا، إذا كان هكذا فلا يأخذ، قيل له: إذا كانت له عشرةُ دراهم، فلا يأخذ، قال: ليس لهذا حدٌّ معلوم (¬4).
فأوجبها في القولِ الأولِ على الفقيرِ لظاهرِ الحديثِ، ولاتفاقِ المذهبِ على وجوبها عمن ينفق عليه من صغيرٍ أو كبير (¬5) أو عبدٍ، وإن كانا فقيرين.
وألزمها في القول الثاني مع الفقرِ ما لم يؤدِّ ذلك إلى حرجٍ؛ لأنَّ الدينَ يُسْر، فإن كان رأسُ مالِه الشيءَ اللطيفَ، وله عيالٌ، كان إخراجُها مما يجحف
¬__________
(¬1) انظر: المدونة: 1/ 384.
(¬2) انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة: 1/ 263.
(¬3) في (ق 3): (والعسرِ).
(¬4) انظر: النوادر والزيادات: 2/ 304.
(¬5) قوله: (أو كبير) زيادة من (ق 3).

الصفحة 1108