ومختلف فيه: وهو التيمم بالتراب إذا لم يكن على الأرض، والتيمم بالأرض إذا كانت صفا لا تراب عليها، كالجبل والصخور والرمل الغليظ؛ وما له حرمة الطعام، كالملح. وما يكون على الأرض وليس من جنسها، كالخشب والحشيش. وشاركه في هذا الوجه الملح الذي ليس بمعدني، أو صعد عليها وليس منها؛ كالثلج والجليد والبرد والماء الجامد (¬1)، فأجاز ابن القاسم في "كتاب محمد" أن يؤتى المريض بالتراب ليتيمم به (¬2)، ومنعه ابن بُكير (¬3) واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" (¬4)، قال: ولا يكون ذلك إلا بمباشرة الأكف الأرض.
والأول أصوب؛ للحديث المتقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تيمم على جدار (¬5)؛ ولأن المعنى المقصود من الأرض موجود فيما نقل عنها.
ومثله لو أتي المريض بصخرة على قول (¬6) من قال: إن التيمم بالصفا يجوز،
¬__________
(¬1) انظر: التفريع: 1/ 35.
(¬2) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 107، والبيان والتحصيل: 1/ 158، ولفظ النوادر: (قال عيسى، عن ابن القاسم: وإذا لم تَقْدِرِ النفساء على الغُسْل تَيَمَّمَتْ، ولا بأس أن ترفع إليها ترابًا في طبق، وكذلك إلى المَحْمل للمُسافِر، يري أن ينتقل قال ابن المَوَّاز: وكذلك المريض على سريره).
(¬3) هو: أبو زكريا، يحيى بن عبد الله بن بُكير القرشي، المخزومي، مولاهم، المتوفى سنة 231 هـ، سمع مالكًا، والليث وخلقًا كثيرًا، وصنف التصانيف، وسمع من مالك الموطأ سبع عشرة مرة. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك: 3/ 369، والديباج، لابن فرحون: 2/ 359، والتاريخ الكبير، للبخاري: 8/ 285، والجرح والتعديل، لابن أبي حاتم: 9/ 165، والثقات لابن حبان: 9/ 262، والضعفاء والمتروكين، لابن الجوزي: 3/ 198، وتهذيب الكمال، للمزي: 31/ 401، وسير أعلام النبلاء للذهبي: 10/ 612 - 615.
(¬4) سبق تخريجه، ص: 37.
(¬5) سبق تخريجه، ص: 135.
(¬6) قوله: (قول) زيادة من (ب).