كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

وإن كان يعلم بموضعه، وقدَّر أنه لا يصل إليه إلا بعد ذهاب الوقت فوصل إليه قبل (¬1)، وقد تبين أنه أخطأ في التقدير، أو كان مريضًا يقدر على استعمال الماء ولم يجد من يناوله إياه ثم أتى من يناوله (¬2) - أعاد في الوقت استحسانًا (¬3).

فصل [في الجنب لا يجد الماء]
ومن أجنب ولم يجد ماءً- تيمم. والأصل في ذلك قول الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء. . . .} الآية [النساء: 43]، والملامسة واللمس والمباشرة كناية عن الجماع؛ قال الله -عز وجل-: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]. وقال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187].
وأصل الملامسة واللمس: الاختبار (¬4)؛ قال الله -عز وجل- حكاية عن الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الجن: 8]. وَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ المُلاَمَسَةِ (¬5)، وهو الذي يختبر جودة ما يشتريه من دناءته باليد من غير نظر.
وقول الله سبحانه: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] يريد به المسافر، يتيمم ويصلي،
¬__________
(¬1) زاد في (ر): (الوقت الذي قدر).
(¬2) قوله: (ثم أتى من يناوله) ساقط من (ر).
(¬3) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 116.
(¬4) قال أبو السعود في تفسيره: 2/ 112: (وأنا لمسنا السماء أي: تفحصنا) واللمس هو الطلب.
(¬5) متفق عليه أخرجه البخاري: 2/ 754، في باب بيع الملامسة، من كتاب البيوع، في صحيح، برقم (2037)، ومسلم: 3/ 1152، في باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، من كتاب البيوع، برقم (1512).

الصفحة 188