كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

واختلف قول مالك في قراءة القرآن للحائض، فمنع ذلك مرة وأجازه مرة خوف النسيان (¬1)؛ لأن الحيض يتكرر. وأجازه محمد (¬2) بن مسلمة نظرًا إذا كان من (¬3) يُقلب لها الورق. ومر (¬4) على أصله في أنها في حكم محدث وليس في حكم نجس.
واختلف قول مالك (¬5) في قراءة الجنب القرآن، فالمشهور عنه المنع (¬6). وقال في سماع أشهب: يقرأ اليسير، وقال (¬7): وأنا (¬8) أشتهِي (¬9) أن يقرأ الجنب القرآن، وددت أني وجدت في ذلك رخصة، ولكني سمعت أنه لا يقرأ إلا اليسير (¬10) وأجاز ذلك مالك (¬11) في "مختصر ما ليس في المختصر" قليلًا كان أو كثيرًا.
وقد اختلفت الأحاديث في هذا الأصل: ففي الصحيحين (¬12) عن أبي هريرة قال: "لَقِيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ طُرُقِ المَدِينَةِ، وَأَنَا جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ وَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟. قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا جُنُبٌ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ" (¬13). فعلى هذا يجوز له أن يقرأ القرآن وأن يجلس في المسجد.
¬__________
(¬1) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 123.
(¬2) قوله: (محمد) ساقط من (س).
(¬3) قوله: (من) ساقط من (ش 2).
(¬4) في (ش 2): (وهي).
(¬5) قوله: (قول مالك) زيادة من (ر).
(¬6) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 124، عيون الأدلة: 1/ 316.
(¬7) قوله: (وقال) زيادة من (ش 2).
(¬8) يعني: مالكًا -رحمه الله-.
(¬9) قوله: (أشتهِي) ساقط من (ش 2).
(¬10) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 124.
(¬11) قوله: (مالك) زيادة من (ش 2).
(¬12) قوله: (ففي الصحيحين) ساقط من (ر).
(¬13) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 109، في باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره، من كتاب الغسل، في صحيحه، برقم (281)، ومسلم: 1/ 282، في باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، من كتاب الحيض، في صحيحه، برقم (371).

الصفحة 217