كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

على أنه كان يخلل الظاهر؛ لأن الماء ينبو عن بعض الشعر لارتفاع بعضه عن بعض، فيكون التخليل (¬1) ليستوعب غسل جميع الوجه الظاهر، ويكون ذلك وفقًا بين الحديثين.
ويبدأ في اليدين باليمنى لقول عائشة - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره". أخرجه البخاري ومسلم (¬2). فإن هو ابتدأ باليسرى أجزأه.
ويتمادى بالغسل إلى المرفقين، واختلف في المرفقين، فذهب مالك وأصحابه إلى أنهما داخلان في فرض اليدين، وذهب أبو الفرج (¬3) وغيره إلى أنهما غير داخلين في الفرض (¬4).
وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: حمل الآية على إدخال المرفقين أولى احتياطًا واستظهارًا، فجعل ذلك من باب الأحوط.
¬__________
= أبواب الطهارة برقم (31)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(¬1) التخليل: أصل التخليل أن يدخل يده في خلال شعره أي بينه وفي وسطه، والخلال البين.
انظر: شرح غريب ألفاظ المدونقع للجُبِّي، ص: 15.
(¬2) متفق عليه أخرجه البخاري: 1/ 74، في باب التيمن في الوضوء والغسل، من كتاب الوضوء في صحيحه، برقم (166)، ومسلم: 1/ 226، في باب التيمن في الطهور وغيره، من كتاب الطهارة، برقم (268).
(¬3) هو: أبو الفرج، عمر، وقيل: عمرو، بن محمد بن عمرو الليثي، البغدادي، القاضي، المتوفى سنة 330 هـ، وقيل: 331 هـ، نشأته ببغداد، صحب القاضي إسماعيل، وتفقه معه، ولي قضاء طرسوس، وصنف "الحاوي في مذهب مالك"، و"اللمع" روى عنه أبو بكر الأبهري. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، لعياض: 5/ 22، والديباج، لابن فرحون: 2/ 127، والتعريف بالأعلام والمبهمات، لابن عبد السلام (بهامش الجامع بين الأمهات بتحقيقنا): 1/ 50، وشجرة النور، لمخلوف، ص: 79.
(¬4) انظر: النوادر والزيادات: 1/ 34، 35.

الصفحة 22