كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

[الإسراء: 78]، فتضمنت هذه الآية ثلاث صلوات: الظهر، والعشاء الآخرة، والفجر. وهذا قول مالك في "المستخرجة" (¬1)، وروى عنه ابن نافع في "المبسوط" أن المراد به الصلوات الخمس: الظهر والعصر؛ لقوله سبحانه: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، والمغرب والعشاء لقوله: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}. والصبح لقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}، ورواه ابن مسلمة عن مالك في كتاب أبي الفرج وكذلك في الواضحة (¬2)، والقول الأول أحسن؛ لأن تقدمة العصر إلى الزوال، وتأخير المغرب إلى العشاء الآخرة لا يجوز إلا لضرورة، ومحمل القرآن (¬3) على الأوقات المختارة، ويلزم على هذا القول ألا إعادة (¬4) على من صلى العصر في أول وقت الظهر، أو قدم العشاء فصلاها مع المغرب؛ قياسًا على الظهر.
وقال تبارك وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114]، واختلف فيما تضمنته هذه الآية على ثلاثة أقوال، فقيل: ثلاث صلوات، وقيل: أربع، وقيل: خمس.
قال أبو إسحاق ابن شعبان: ثلاث صلوات؛ فالصبح طرف، والمغرب طرف، والثالثة العشاء (¬5).
فجعل المغرب من طرفي النهار؛ لأنها تصلى عند طرف النهار، وهو: إذا توارت بالحجاب، والعرب تسمي الشيء (¬6) باسم غيره إذا كان من سببه أو
¬__________
(¬1) انظر: البيان والتحصيل: 1/ 322، 323.
(¬2) قوله: (والصبح لقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}. . . وكذلك في الواضحة) زيادة من (ش 2).
(¬3) في (ش 2): (القران).
(¬4) في (ر): (الإعادة).
(¬5) انظر: الزاهي، لابن شعبان، لوحة رقم: [12 / ب].
(¬6) في (ر): (طرف الشيء).

الصفحة 224