كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

واحتج من نصر القول الأول بأن حروف الجر يُبْدَل بعضها من بعض، وأن معنى قوله سبحانه: {إِلَى الْمَرَافِقِ} مع المرافق، ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - "أنه كَانَ يُدِيرُ اَلماءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ" (¬1).
والحجّة لمن نصر القول الآخر أن (إلى) بابها الغاية، وهي على ذلك حتى يقوم الدليل على أنها أريد بها غير ذلك، مما تستعمل فيه مجازًا، وأنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأشرع في العضد وفي الساق، وقال: "مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجيلَهُ فَلْيَفْعَلْ" (¬2).
فبان بهذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يزيد في ذلك على الفرض للفضيلة.
واختلف في تخليل أصابع اليدين: هل هو واجب أو مستحب؟ وفي تخليل أصابع الرجلين: هل هو مرغب فيه أم لا؟ فذهب ابن حبيب إلى أنه واجب في اليدين مستحب في الرجلين (¬3).
وقال ابن شعبان (¬4):. . . . . . . . . . . . . .
¬__________
(¬1) صحيح، أخرجه الدارقطني: 1/ 83، في باب وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الطهارة، برقم (15)، والبيهقي: 1/ 56، في باب إدخال المرفقين في الوضوء، من كتاب الطهارة، برقم (259).
(¬2) أخرجه مسلم: 1/ 216، في باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، من كتاب الطهارة، 1/ 216، برقم (246).
(¬3) انظر: الواضحة، لابن حبيب، ص: 98، وانظر: أيضا: النوادر والزيادات: 1/ 36. قلت: زاد في (ب) (قال: وتخليل أصابع الرجلين في الغسل من الجنابة واجب، ومن تركه فلا غسل له؛ لأنه لمعة).
(¬4) هو: أبو إسحاق، محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة العماري، من ولد عمار بن ياسر، المصري، المعروف بابن القرطي، الفقيه الحافظ، المتوفى سنة 355 هـ، إليه انتهت رئاسة المالكية بمصر، أخذ عن أبي بكر بن صدقة وغيره وعنه أبو القاسم الغافقي، وحسن =

الصفحة 23