كتاب التبصرة للخمي (اسم الجزء: 1)

أحدها: أنه كان ينادى لها قبل طلوع الفجر. وفائدة ذلك إيقاعها في أول وقتها.
والثاني: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي العِشَاءَ، أَحْيَانًا إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَأَحْيَانًا إِذَا رَآهُمْ أَبْطَؤُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانُوا - أَوْ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ" (¬1). يريد: كانوا أو لم يكونوا، كان يصليها بغلس ولم ينتظرهم بها، ولا يبالي إن فاتتهم الجماعة، بخلاف العشاء.
والثالث: حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ لاَ يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ (¬2). ومعلوم أنه كان يحب ما هو أرفق بأمته، وأن إيقاع هذه الصلاة أول الوقت أثقل عليهم؛ لأن الوقت يدخل عليهم وهم نيام، فلولا عظم الأجر في ذلك لم يتكلف ذلك بهم، ولهذا استحب مالك أن يصلي أول الوقت فذًّا، ولا يؤخرها ليصليها بعد ذلك في جماعة.
وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ" (¬3) فإنه أراد أن يتحقق الفجر؛ لئلا يوقِعَ الصلاة (¬4) في وقت مشكوك فيه
¬__________
(¬1) متفق عليه: أخرجه البخاري: 1/ 205 في باب وقت المغرب، من كتاب مواقيت الصلاة برقم (535)، ومسلم: 1/ 446 في باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم (646).
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 146 في باب في كم تصلي المرأة من الثياب؟، من كتاب أبواب الصلاة في الثياب، برقم (365)، ومسلم: 1/ 445 في باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم (645)، ومالك: 1/ 5 في باب وقوت الصلاة برقم (4).
(¬3) أخرجه الترمذي: 1/ 289 في باب ما جاء في الإسفار بالفجر، من كتاب أبواب الصلاة برقم (154)، والنسائي: 1/ 272 في باب الأسفار، من كتاب المواقيت، برقم (548)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأحمد: 4/ 142 في حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه -، من مسند الشاميين، برقم (17318).
(¬4) قوله: (الصلاة) زيادة من (ش 2).

الصفحة 234